لماذا قد لا تقدم الفائدة المنخفضة الدعم لاقتصاد المملكة المتحدة؟
الأوضاع تتحسن بالنسبة إلى الاقتصاد البريطاني. فعلى الرغم من أن المملكة المتحدة سقطت في حالة من الركود في النصف الثاني من العام الماضي، إلا أن معظم الاقتصاديين واثقون من أن النمو سيعود هذا العام بفضل قوة المستهلك.
الأرقام تدعمهم، فقد أظهرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي لشهر يناير توسعا متواضعا بنسبة 0.2 %، في حين تشير بيانات المسح لشهري فبراير ومارس إلى استمرار هذا الاتجاه.
وتشير التوقعات الصادرة عن مكتب مسؤولية الميزانية إلى نمو بنسبة 0.8 % في 2024 و1.9 % في العام المقبل.
وأحد الأسباب الرئيسة التي تجعل الاقتصاديين أكثر تفاؤلا يتمثل في احتمال أن يبدأ بنك إنجلترا في تخفيض أسعار الفائدة في يونيو. ومن شأن ذلك أن يخفف الضغط على المقترضين، ويساعد على تحفيز النشاط الاقتصادي.
لكن هناك حجة متزايدة مفادها أن أسعار الفائدة لم تكن بتلك الفاعلية في تخفيض التضخم خلال العام الماضي.
في الوقت نفسه، الهيكل المتغير لسوق الرهن العقاري، خاصة تزايد الرهون العقارية ذات السعر الثابت، وارتفاع المدخرات خلال الجائحة، أبطلا تأثير أسعار الفائدة في المستهلكين. فهل هناك أي سبب للاعتقاد أن أسعار الفائدة ستكون أكثر فاعلية في تحفيز الاقتصاد؟
وفرة المدخرات
خلال الجائحة زادت مدخرات الأسر والأفراد وذلك يعني في الواقع أن الناس قد شهدوا مكاسب صافية من ارتفاع أسعار الفائدة حتى الآن.
وأظهرت بيانات دخل الأسر التي تغطي الربع الأخير من 2023 أن الأسر استمرت في كسب فوائد على مدخراتها أكثر مما تدفعه على القروض، وكان هذا هو الحال منذ الربع الأخير من 2022.
يميل المدخرون إلى الإنفاق أقل من المقترضين، لذا فإن أسعار الفائدة الأعلى ستظل تؤثر في الإنفاق الاستهلاكي بشكل عام، لكن التأثير أقل مما كان عليه في دورات التشديد السابقة لأن ميزانيات الأسر أصبحت أكثر صحة بشكل ملحوظ.
كان هذا مفيدا في منع حدوث انكماش أعمق في العام الماضي، إلا أنه قد يحد أيضا من التأثيرات الإيجابية لتخفيض أسعار الفائدة هذا العام. فإذا انخفضت أسعار الفائدة على منتجات الادخار بسرعة أكبر من أسعار الفائدة على القروض المصرفية، فإن دخل الأسر سينخفض فعليا.
لا يزال الإنفاق الاستهلاكي مستفيدا ــ بسبب الاختلافات في الميل إلى الإنفاق بين المقترضين والمدخرين ــ لكن التأثير الإيجابي سيتضاءل.
أحد العوامل المنفصلة الأخرى هو توقيت تخفيضات أسعار الفائدة مقارنة بالاحتياطي الفيدرالي. خلال الأيام القليلة الماضية، أثارت بيانات أمريكية قوية احتمال أن يترك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير لفترة أطول قليلا من نظرائه الأوروبيين.
حاول جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، طمأنة الأسواق يوم الأربعاء، قائلا "إن قراءات التضخم التي جاءت هذا العام أعلى من المتوسط على المدى الطويل لم تغير الصورة العامة بشكل جوهري"، لكن مع استمرار قوة الاقتصاد الأمريكي، يستطيع الاحتياطي الفيدرالي الانتظار إلى ما بعد يونيو قبل تخفيض أسعار الفائدة.
إذا بدأ بنك إنجلترا في تخفيض أسعار الفائدة في يونيو، كما تتوقع الأسواق، وانتظر الاحتياطي الفيدرالي لفترة أطول قليلا، فقد يتعرض الجنيه لضغوط.
ضعف الجنيه
قال تشيستر نتونيفور، استراتيجي الصرف الأجنبي في شركة بي سي إيه ريسيرش، "الحقيقة هي أن النمو الاقتصادي في المملكة المتحدة متخلف عن النمو في الولايات المتحدة. لذا من الممكن أن تضطر المملكة المتحدة إلى تخفيض أسعار الفائدة قبل الولايات المتحدة".
ومن الممكن أن يؤدي ضعف الجنيه الاسترليني بعد ذلك إلى زيادة تكلفة الواردات للشركات البريطانية، ما يضع مزيدا من الضغوط التضخمية. ومن المنظور العام، لن تكون هذه الضغوط ضخمة، لكنها ستظل مدعاة لبعض القلق.