أسبوع عمل أقل توجه جديد لإنتاجية أكثر ومغانم جمة .. هل يزيد ولاء الموظفين لشركاتهم؟

أسبوع عمل أقل توجه جديد لإنتاجية أكثر ومغانم جمة .. هل يزيد ولاء الموظفين لشركاتهم؟
فيما يتزايد مؤيدو تقليص مدة العمل لضمان إنتاجية أفضل يعتقد غيرهم أن زيادة الساعات السبيل الوحيد لنهضة الدول. "رويترز"

تختلف توجهات الدول بشأن ساعات العمل الرسمي، ففي الوقت الذي يتزايد فيه مؤيدو تقليص مدة الشغل لضمان إنتاجية أفضل، وتحقيق الرفاهية والتوازن بين الحياة والعمل، يعتقد غيرهم أن إطالة أمد الشغل الأسبوعي، فالزيادة في عدد ساعات العمل اليومي، هو السبيل الوحيد من أجل نهضة الدولة، ورقيها بين الشعوب والأمم، فمزيد من العمل مرادف لمزيد من الإنتاجية، ما يمنح البلد قدرة أكبر على المنافسة.
أدى تباين الرؤى حيال الأمر إلى فوارق كبرى في ساعات العمل بين البلدان في العالم، ففي هولندا لا يتعدى إجمالي ساعات الشغل في الأسبوع 29 ساعة، أي نحو 4 ساعات في اليوم. بينما يرتفع الرقم إلى 48 ساعة في الصين والهند وتنزانيا ومعظم دول أمريكا اللاتينية (المكسيك والبيرو والأرجنتين وكوستاريكا).
هذا دون احتساب ساعات العمل الإضافي، إذ يصل باعتمادها إلى 52 ساعة في كوريا الجنوبية. وبجوارها في اليابان، يسبب الإفراط في العمل في ارتفاع ضحايا "الكاروشي"، أي الموت نتيجة إجهاد الشغل.
اشتهرت الصين بنظام "966"، حيث العمل من 9 صباحا حتى 9 مساء، لمدة 6 أيام في الأسبوع، بعدد ساعات يصل إلى 12 ساعة يوميا، أي 72 ساعة عمل أسبوعية.
وانبرى جاك ما، مالك مجموعة "علي بابا"، للدفاع عنه أخيرا مخاطبا عمال شركته قائلا: "القدرة على العمل بنظام 966 نعمة هائلة... إذا لم تنفق وقتا وطاقة أكثر من الآخرين، كيف يمكنك تحقيق النجاح الذي تريد؟".
شهدت الهند بدورها في أكتوبر الماضي، جدلا كبيرا عندما أدلى الملياردير نارايانا مورثي، مؤسس شركة "إنفوسيس" للبرمجيات، بتصريح اعتبر فيه أن الإنتاجية في الهند من أدنى المعدلات في العالم، داعيا الشباب الهندي للعمل 70 ساعة في الأسبوع، وبذلك يكذب الأرقام، فالهنود، بحسب منظمة العمل الدولي، يعلمون بمعدل 47,7 ساعة أسبوعيا، أعلى بكثير من الولايات المتحدة (36,4) وبريطانيا (35,9) وألمانيا (34,4)، لكن الإنتاجية تبقى جدا متدنية.
شاع وهم اقتران المردودية بساعات العمل لعقود من الزمن، فحسب الخبير الاقتصادي روبرت وابلز، وإلى حدود منتصف القرن الـ19 كان العمل لأكثر من 70 ساعة أسبوعيا عاديا، بمعدل 12 ساعة لمدة 6 أيام في الأسبوع. وقد وصل الرقم في صناعات معينة، مثل عمال الأفران العالية في صناعة الصلب 84 ساعة أسبوعية.
يفيد الاقتصادي والمؤرخ روتجر بريغمان بأن الرأسماليين الكبار انتظروا حتى عشرينيات القرن الماضي، ليكتشفوا أن خفض ساعات العمل يجعل الموظفين أكثر إنتاجية.
فعلى سبيل المثال قام هنري فورد، صاحب شركة فورد للسيارات، عام 1926، بخفض ساعات العمل من 60 ساعة إلى 40 ساعة أسبوعيا، لزيادة إنتاجية عماله، مؤسسا بذلك نظام عمل أسبوعي مدته 8 ساعات يوميا لمدة 5 أيام.
عاد الموضوع إلى الواجهة في الآونة الأخيرة، خصوصا بعد التوصية الشهيرة لمنتدى دافوس الاقتصادي، في عام 2019، باعتماد أربعة أيام عمل في الأسبوع، وذلك تماشيا مع مستنتجات البحث الأكاديمي بكلية وارتون لإدارة الأعمال في جامعة بنسلفانيا، بقيادة آدام غرانت، حيث أظهرت تجاربها أن "تقليص ساعات العمل، يمكن الناس من تركيز انتباههم بشكل أكثر فاعلية، وسيؤدي في نهاية المطاف إلى الإنتاج بنفس القدر، وبجودة أعلى وإبداع أكثر".
انتشرت في الأوساط الأوروبية (بريطانيا وإسبانيا والسويد وإيسلندا...) تجارب لشركات تأخذ بنظام العمل لمدة أربعة أيام في الأسبوع، فيما سمحت بلجيكا للموظفين بإمكانية تجميع ساعات العمل.
وكانت رئيسة مقاطعة فالنسيا صريحة في دفاعها عن هذا الخيار بقولها: "أيّ سياسية اقتصادية محترمة تهدف إلى تخفيض ساعات العمل يجب ألا تفكر في الانتخابات المقبلة، وإنما في الجيل المقبل".
أسبوع عمل أقصر في أوروبا توجه جديد بمغانم جمة، فهو أفضل السبل لرفع الإنتاجية، كما يشكل فرصة مثالية لتخفيض معدلات البطالة المرتفعة في عديد من الدول، ناهيك عن ضمان الحصول على موظفين أكثر ولاء لشركاتهم بفضل اهتمامها بهم وبأسرهم، بتحقيق معادلة التوازن بين الحياة والعمل.

الأكثر قراءة