هاوية اقتصادية تنذر بعقد أوروبي ضائع .. ثقب أسود في الميزانيات المثقلة بالديون

هاوية اقتصادية تنذر بعقد أوروبي ضائع .. ثقب أسود في الميزانيات المثقلة بالديون
هاوية اقتصادية تنذر بعقد أوروبي ضائع .. ثقب أسود في الميزانيات المثقلة بالديون

عام 2026 ربما يكون لحظة حاسمة بالنسبة للاقتصاد الأوروبي. إصلاح قواعد الإنفاق في الاتحاد الأوروبي وإيقاف المفوضية الأوروبية ضخ الأموال قد يؤديان إلى إحداث ثقب أسود في ميزانيات البلدان المثقلة بالديون، خاصة فرنسا وإيطاليا ــ ربما قبل أشهر فقط من مواجهة البلدين انتخابات حاسمة.

قال نيلز ريديكر، من معهد جاك ديلور للأبحاث: "هناك خطر يتمثل في أننا إذا لم نستثمر بما فيه الكفاية، فسنعود إلى عقد ضائع على غرار 2010".

كانت اقتصادات جنوبي أوروبا غارقة في ركود طويل بعد أزمة منطقة اليورو في 2009، مع ارتفاع الدين العام والبطالة وسط تغييرات متكررة في الحكومات. وكانت الاقتصادات الأكثر تضررا، مثل اليونان، أقل من مستوياتها قبل الأزمة بعد أكثر من عقد من الإصلاحات المؤلمة.

وبحسب "بوليتيكو"، أشار اقتصاديون إلى المخاطر المرتبطة بإنهاء المفوضية تمويل ما بعد الجائحة في 2026، وفي الوقت نفسه سيتعين على الحكومات مواصلة الاستثمار في المشاريع الخضراء والرقمية دون هذا التدفق المحدد من التمويل من بروكسل.

من المرجح أن تتحمل البلدان ذات الديون الكبيرة العبء الأكبر من الصدمة، التي يحذر محللون من أنها قد تضرب الاقتصادات بشدة، ما قد يكون له تأثير غير مباشر على السياسة.

الأحزاب الحاكمة في فرنسا وإيطاليا -أكبر اقتصادين في منطقة اليورو بعد ألمانيا- لديها أسباب تدعوها إلى القلق. ستكون الانتخابات الرئاسية الفرنسية في أبريل 2027، مع عدم قدرة إيمانويل ماكرون على الترشح مرة أخرى واكتساب مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف، الدعم. ومن المقرر إجراء الانتخابات العامة الإيطالية في موعد لا يتجاوز نهاية العام نفسه.

في الوقت الحالي، تعتمد البلدان على سلسلة من خطط الدعم والإعفاءات في الاتحاد الأوروبي التي تهدف إلى تخفيف الضربة المالية لجائحة كوفيد-19، بما فيها "أداة التعافي والصمود"، التي أدت إصدار دول الاتحاد الأوروبي ديونا مشتركة لأول مرة. ولا تزال أداة الدعم تقدم شريان حياة للدول التي لديها أكبر قدر من الديون.

يضخ الاتحاد الأوروبي مليارات اليورو في المشاريع الخضراء والرقمية من خلال هذا الصندوق المخصص الذي تبلغ قيمته أكثر من 700 مليار يورو، لكن من المتوقع أن ينفد في نهاية 2026.

وعلى نحو مماثل، فإن تجميد المفوضية قواعدها الصارمة للدعم العام المعروفة باسم مساعدات الدولة -التي تمنح البلدان الأكثر ثراء فرصة لدعم صناعاتها الاستراتيجية- سينتهي العام المقبل. على الرغم من أن هذا لن يؤثر في الميزانيات الوطنية، إلا أنه سيقيد الحيز المتاح للحكومات للتصرف.

إصلاح قواعد الإنفاق في الاتحاد الأوروبي الذي تم التوقيع عليه أخيرا من أجل منح الدول مزيدا من الوقت لخفض الديون والإنفاق، لا يمكن أن يقدم سوى راحة مؤقتة للاقتصادات المتعثرة التي قد تضطر إلى تحمل فاتورة أكبر في المستقبل.

بموجب القواعد التي تم إصلاحها، وافقت عواصم الاتحاد الأوروبي على خصم الزيادة السنوية في أسعار الفائدة من 2025 إلى 2027 من التعديل المالي المطلوب من الدول التي تتجاوز عتبة العجز في الاتحاد الأوروبي.

صممت هذه القواعد الأكثر مرونة لتخفيف الضربة التي ستتلقاها كثير من الدول التي من المتوقع أن تواجه إجراءات العجز المفرط في الأعوام القادمة، بما في ذلك إيطاليا وفرنسا.

من الناحية العملية، سيمكن هذا الإعفاء فرنسا -التي من المتوقع أن ترتفع مدفوعات فوائدها نحو 0.2 - 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي سنويا، وفقا لمركز بروجيل للأبحاث- من توفير أكثر من خمسة مليارات يورو سنويا قبل 2027.

لكن هذا يأتي مع مخاوف من أن العواصم الوطنية قد تضطر إلى تبني تخفيضات أكثر إيلاما في الإنفاق عندما تعود إلى المتطلبات التقليدية الخاصة بإجراءات العجز المفرط.

قال جيرومين زيتلماير، مدير مركز بروجيل للأبحاث، إن الدول يمكن أن تتجنب الهاوية الاقتصادية في 2027 إذا بدأت في السيطرة بشكل أكبر على الإنفاق من الآن حتى ذلك الحين.

وبحسب مسؤول في البرلمان الأوروبي شارك بشكل وثيق في المفاوضات حول قواعد الإنفاق الجديدة: "ستعمل القواعد الجديدة حتى ينتهي أداة التعافي والصمود في 2026".

إضافة إلى هذه الضغوط، فإن العودة المحتملة لدونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة قد تشجع دول الاتحاد الأوروبي على تعزيز إنفاقها الدفاعي، ما يزيد من احتياجاتها التمويلية.

واستبعدت السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي تمديد أداة التعافي والصمود إلى ما بعد 2026، لكن قد تكون هناك شبكة أمان إلى حد ما. قال دبلوماسي أوروبي إن الإنفاق العام على البنية التحتية للمناطق الفقيرة سيستمر بعد 2026، ويمكن استخدامه لملء الفجوة التي تخلفها أداة التعافي والصمود، مضيفا أن الكشف عن صندوق المناخ الاجتماعي – وهو أداة جديدة لدعم المشاريع الخضراء – سيتم في ذلك الوقت أيضا.

مع ذلك، لا يعتقد كثيرون أن ذلك سيكون كافيا. قال زيتلماير، من بروجيل، إن احتياجات الإنفاق في العواصم الوطنية ستكون "أكثر من أن يمكن تسويتها دون الحصول على مزيد من الأموال على مستوى الاتحاد الأوروبي".

وأضاف: "سيكون هناك شعور لدى الأغلبية بأن شكلا ما من أشكال الأدوات اللاحقة لبرنامج التعافي والصمود سيصبح ضروريا".

الأكثر قراءة