ماذا نفعل عندما تصبح المنظمة قديمة وتراثية؟
تمثل المنظمة ذات الثقافة القديمة أو التراثية عبئا لأي قائد جديد بغض النظر عن حجم أعمال المنظمة وعدد موظفيها ومخرجاتها، وقد يتفاجأ هذا القائد بثقافة ثراثية بما فيها من طرق التفكير والتواصل بين الإدارات وغيرها، ما يؤدي إلى ضياع قيم المنظمة أو التفريط في فرص اقتصادية. إن الثقافة الثراثية هي تنظيمية في حد ذاتها وقد تم صياغتها بحيث يكون هناك توافق بين آمال وأحلام وقيم القائد السابق ذي التفكير الإرثي مع الاستراتيجيات المستخدمة من قبل جميع أولئك الذين تم تكليفهم بتحقيق تلك الأهداف والقيم. ورغم أن البعض قد عرّف المنظمة التراثية على أنها منظمة حيث كانت جميع العمليات والتقنيات وطرق العمل موجودة قبل الإنترنت الحديث، إلا أن المنظمة التراثية قد تتمتع بشيء من الإنترنت الحديث ولكن تظل ثقافتها محل بحث وجدل أمام ذلك القائد الجديد الذي يتطلع إلى تغيير جذري لكي تواكب المنظمة الرؤى والتوجهات العامة. لذا فلا بد للقائد الجديد من بذل مجهود عال لطرح أفكاره المتجددة واستبدال الثقافة التراثية، ومن هنا قد تبرز بعض الصعوبات والتحديات. إن المنظمة التراثية التي تعرف بأنها البصمة الدائمة التي يتركها القائد الإرثي بعد رحيله، التي تشكل المواقف والسلوكيات بين الموظفين على مستوى المنظمة، بمعنى آخر امتداد لثقافة المنظمة. وتعد الثقافة التراثية وراثة السمات الثقافية التي تؤثر في نجاح المنظمة أو فشلها، وغالبا ما يتم تحديدها من خلال الممارسات منذ أمد بعيد التي يتم تناقلها عبر كل جيل من الموظفين. ويسعى أي قائد جديد في إلهام الموظفين ليتبعوا رؤيته وقيمه، حتى بعد رحيله، مع إنشاء ثقافة تكرم الماضي وما بذل سابقا ولكنها تحتضن الحاضر بكل توجاهاته وتشكل المستقبل الذي يجب أن تكون عليه المنظمة مرنة لكي تستوعب التطورات والمستجدات الجديدة.
يجب على القائد أن يحدد مجالات الثقافة التراثية التي تحتاج معالجة من خلال قراءة الوضع الراهن للمنظمة، وبالطبع سيواجه مقاومة شديدة جراء التغيير، وهذا قد يستوجب صفات ومهارات معينة لكي يكون قائد تغيير. وعندما يتعلق الأمر بقيادة جهود تغيير الثقافة، فهناك تحد يواجه قائد المنظمة ذات الثقافة التراثية: إما تغيير كبار القادة للمنظمة أو أن يكونوا قادة كبارا في التغيير. وهذه هي الحقيقة التي تتجلى في المنظمات التي نجحت في تغيير ثقافتها من خلال تعريف دور كبار القادة الذين سيمنحون شكلا آخر للمنظمة، بما في ذلك ثقافتها. إن تغيير الثقافة يجب أن يبدأ من القمة، وإن قيادة تغيير الثقافة عمل قد يهدد عديدا من كبار القادة، ولذلك فإن البدء بمبادرة لتغيير ثقافة المنظمة هو أمر لا يمكن التهاون فيه أو الاستخفاف به، خاصة في المنظمات التراثية، إذ يتطلب رعاية والتزاما تنفيذيا وموارد كثيرة، وقد يستغرق إنجازه وقتا طويلا نسبيا. ويكون من من ضرورات تغيير المنظمات التراثية في إجراء محادثات مرهقة تتناول الدور الحاسم الذي يلعبه المديرون الكبار والمتوسطون في قيادة التغيير وحاجتهم إلى تغيير السلوك والطريقة التي تدار بها، لأن المحادثة الصادقة والمباشرة تفتح الباب لتطوير استراتيجية التغيير وإنجاحه. وبالنظر إلى حقيقة أن الموظفين يتلقون التعليمات والتوجيهات من كبار القادة ويتأثرون بأساليبهم، فإن خطة تطوير كل قائد يجب أن تكون شفافة ومرتبطة بحل التحديات التنظيمية، كما قال الدكتور إدغار شين، أستاذ جامعي وعالم نفس: "يتم بناء الثقافة من خلال التعلم المشترك والخبرات المتبادلة في حل المشكلات". ويجب أن يتضمن تغيير ثقافة المنظمة التراثية عددا من التقييمات السلوكية والتدريبية وتنمية المهارات عند وضع أي استراتيجة تغيير من أجل مساعدة الموظفين على تغيير سلوكياتهم وأساليبهم لدعم تغيير الثقافة خصوصا لدى كبار الموظفين.