Author

أهمية تكامل المنبع والمصب

|
مختص في شؤون الطاقة

بلا شك تعد "أرامكو السعودية" الرائدة عالميا في مجال صناعة النفط والغاز أحد أهم المفاتيح الرئيسة لتحقيق رؤية السعودية الطموحة، وأحد أركانها الصلبة التي يرتكز عليها الاقتصاد الوطني. الخطة الاستراتيجية التي وضعتها "أرامكو السعودية" هي أن تصبح شركة متكاملة ورائدة عالميا، وقادرة على التنافس في مجال الطاقة والبتروكيماويات، حيث بدأت الخطوات الفعلية للوصول إلى هذا الهدف 2011، عندما أطلقت "أرامكو السعودية" برنامج التحول الاستراتيجي، ومنذ ذلك التاريخ خطت خطوات متسارعة وقوية في هذا الصدد، منها - على سبيل المثال لا الحصر - مجال البتروكيماويات، مشروع بترورابغ وصدارة، إضافة إلى الاستثمارات والشراكات في المصافي خارج حدود الوطن في الهند وماليزيا وغيرهما.
نمو الطلب العالمي على البتروكيماويات، الذي تجاوز 4 % سنويا نقطة جذب تعلمها "أرامكو" يقينا، وهي نسبة كبيرة وجاذبة جدا للاستثمار في هذا القطاع الواعد، وكما ذكر المهندس أمين الناصر، الرئيس التنفيذي في "أرامكو السعودية" في أحد لقاءاته قبيل سنوات، أن الطلب على البتروكيماويات سيتجاوز 50 % بحلول 2050، وهو رقم كبير ومبشر لهذه الصناعة، بل ويحفز صناعة الغاز والاستثمار فيها، ذلك كونه مكونا مهما في الصناعات البتروكيماوية.
هذا التكامل الذي تتطلع إليه "أرامكو السعودية" بين التنقيب والإنتاج من جهة، والتكرير والكيماويات من جهة أخرى، يعد نقلة نوعية، سينعكس إيجابا - في اعتقادي - على اقتصاد السعودية في تحقيق رؤيتها الطموحة وتنويع مصادر الدخل، والتحرر من النفط وإيراداته المباشرة.
الطاقة التكريرية لـ"أرامكو السعودية" الداخلية والخارجية تجاوزت خمسة ملايين برميل يوميا، وتهدف "أرامكو" إلى رفع طاقتها التكريرية على المدى المتوسط إلى عشرة ملايين برميل. من الأدوات المتاحة لـ"أرمكو السعودية" لتحقيق التكامل بين صناعة المنبع وصناعة المصب - "الاستحواذ" على شركات رائدة في قطاع البتروكيماويات، سواء كان هذا الاستحواذ داخل السعودية أو خارجها وبنسب مختلفة. من أهم الخطوات التي تم اتخاذها في هذا الصدد - في رأيي - هو استحواذ "أرامكو" على "سابك" وهي في الواقع صفقة عملاقة ونوعية، تعد أنموذجا رائدا في التكامل بين صناعة المنبع والمصب. 
التكامل - في رأيي - بين صناعة المنبع والمصب من جهة، والتكامل بين جميع مصادر الطاقة من جهة أخرى، سيؤدي إلى رفع كفاءة إنتاج واستهلاك جميع مصادر الطاقة دون استثناء، كون التسارع في نمو عدد السكان في العالم، لا بد ان يوازيه تسارع مواز له في الطلب على الطاقة بشتى أنواعها، والسعودية جزء من هذا العالم ومن الدول التي تسابق الزمن لتعزيز اقتصادها في شتى المجالات. وما "رؤية السعودية 2030" إلا مثال حي لتحقيق هذه الغاية التي سنصل إليها، بإذن الله وتوفيقه. أضف إلى ذلك الدور المحوري والمهم للغاز الطبيعي في قطاع صناعة البتروكيماويات، الذي تراهن عليه السعودية في رؤيتها لزيادة صادراتها غير النفطية، التي نلاحظ تحسنا إيجابيا لافتا عند النظر إلى أرقامها. أعتقد أن العالم يحتاج في هذه المرحلة إلى رفع كفاءة إنتاج واستهلاك جميع مصادر الطاقة بلا استثناء، لتفادي أن يصطدم العالم بشح للطاقة يقوض نموه على جميع الأصعدة.            

إنشرها