تحليق أسعار الغذاء الأمريكية رغم اعتدال التضخم مكامن خلل أم تلاعب؟

حتى مع اعتدال التضخم في الولايات المتحدة، تظل كل زيارة إلى متجر البقالة مصدر ضغط على محافظ ملايين الأمريكيين، بعدما ارتفعت أسعار السوبر ماركت بأسرع معدل منذ عقود، ما جعل السلع الأساسية مثل البيض والخبز بعيدة عن متناول بعضها.
وعلى مدى العامين الماضيين، تضاعفت أسعار البيض تقريبا، ما دفع بعض المستهلكين إلى القيام بأعمال شاقة، مثل محاولة تهريب البيض من المكسيك لتوفير أموال الأسرة.
وبحسب تقرير لـ"إنرجي بير"، أصبحت أسعار اللحوم والأسماك والدجاج أعلى بكثير مما كانت عليه قبل عامين، وكذلك الحبوب والخبز، التي أصبحت تكلفتها اليوم أعلى 25 % عما كانت عليه في 2021.
وللجواب عن سؤال أين تذهب الأموال الناشئة عن ارتفاع الأسعار، يوضح تقرير صادر عن مكتب المحاسبة الحكومي هذا الأسبوع الضغوط المختلفة على أسعار المواد الغذائية، بينما يضع التضخم الأخير في سياقه. ووفقا للمكتب، فإن هناك مكامن خلل طوال رحلة الغذاء، من المزرعة إلى المائدة.
أسهم ارتفاع تكاليف العلف الحيواني والأسمدة في ارتفاع الأسعار بالنسبة إلى المزارعين، في حين أثر النقص في مواد التعبئة والتغليف في مرحلة تجهيز الأغذية، مثلا، عندما يتم طحن الفول السوداني لصنع زبدة الفول السوداني.
أجرى مكتب المحاسبة الحكومي تحليلا للقطاعات المختلفة لإنتاج الغذاء ودورها في أسعار العناصر الموجودة على الرف. كان العنصر الأكبر هو تجهيز الأغذية، وهو القطاع الذي يشمل مصنعي الأغذية والمشروبات، الذي حصل على 25 سنتا من كل دولار من سعر البيع. تليه تجارة التجزئة، المتجر أو السوبر ماركت أو أي بائع تجزئة آخر يبيع للمستهلكين زبدة الفول السوداني.
بلغت التكلفة الفعلية لزراعة الغذاء - الذي يسمى الإنتاج الزراعي - 14 سنتا فقط، في حين إن الأعمال التجارية الزراعية "التي تشمل منتجي الأسمدة والأعلاف التي يشتريها المزارعون" بلغت خمسة سنتات أخرى.
وأشار مكتب المحاسبة الحكومي إلى أن صدمات سلاسل التوريد المرتبطة بكوفيد - 19 أثرت في أجزاء كثيرة من السلسلة الغذائية، ما أسهم في ارتفاع الأسعار.
مثلا، يؤثر ارتفاع تكاليف الأعلاف في الأغلب على قطاع الإنتاج في سلسلة التوريد. وفي المقابل، فإن ارتفاع تكاليف الطاقة "الوقود الأحفوري ومصادر الطاقة المتجددة" يمكن أن يؤثر في الجهات التي تستخدم الطاقة في جميع مراحل سلسلة الإمداد الغذائي.
يعد دور الأرباح أحد العوامل الرئيسة التي لا يلاحظها المرء في هذا التحليل. بعبارة أخرى، إذا كان ربع تكلفة برطمان زبدة الفول السوداني يذهب إلى الشركة التي تتولى عملية الطحن والتعبئة، فكم من هذا المبلغ المتزايد من المال سيغطي تكاليف المصنع المرتفعة من الطاقة والمعدات والأجور، وكم منه سيستغله أصحاب المصنع؟
تقرير مكتب المحاسبة الحكومي لا يفصل الأرباح، لكن كثيرا من الأدلة الأخرى تشير إلى أنها عنصر أساسي في التضخم.
في 2022، ارتفعت هوامش أرباح الشركات إلى أعلى مستوى لها منذ الخمسينيات.
وتوصل بحث أجراه مايك كونكزال، من معهد روزفلت، إلى أن "الشركات زادت هوامش ربحها في 2021 إلى أعلى مستوى من خلال أكبر زيادة في عام واحد منذ 1955". لقد تباهى كثير من المسؤولين التنفيذيين في مجال البيع بالتجزئة أمام المستثمرين بقدرتهم على رفع الأسعار في أعقاب الجائحة.
وتدرس لجنة التجارة الفيدرالية حاليا احتمال حدوث تلاعب بالأسعار. ففي أواخر 2021، أطلقت اللجنة تحقيقا شمل كبار تجار التجزئة وشركات السلع الاستهلاكية، بما فيها أمازون، وكروجر، ووول مارت، وكرافت هاينز، وبروكتر آند جامبل.