Author

عام لعبة «الدجاج السياسي» «1 من 2»

|

كانت نهاية 2023 مريرة وكئيبة، إذ مع اقتراب الانتخابات المرتقب إجراؤها في 2024، اشتدت المخاوف بشأن مصير الديمقراطية والنظام العالمي. فضلا على "الانتخابات" الرئاسية الروسية المرتقبة في مارس، ستجرى انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو، وستجرى الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأمريكية في نوفمبر، وستشهد المملكة المتحدة انتخابات عامة قبل يناير 2025. وهناك عدة أسباب تدعو إلى القلق بشأن مستقبل الديمقراطية، بما في ذلك اليقين بإعادة انتخاب الرئيس الروسي، واحتمال ظهور موجة شعبوية على جانبي المحيط الأطلسي.
من المؤكد أن الشعبويين لا يفوزون دائما في الانتخابات، وحتى إذا شكلوا أكبر حزب في البرلمان ـ كما حدث في بولندا وهولندا في خريف العام الماضي ـ لا يعني ذلك بالضرورة أنهم سيسيطرون على الحكومة. والسيناريو الذي يقلق الناس هو كون دونالد ترمب قد احتل صدارة استطلاعات الرأي في الولايات التي يجب على جو بايدن الفوز بها. ولكن فوز ترمب قد يكون أقل احتمالا مما يعتقد مؤيدوه ومعارضوه على حد سواء.
إن هذه الاستطلاعات ـ التي أجريت قبل عام من الانتخابات قد تثير القلق وتزيد من الإحساس بالزخم الذي يحظى به ترمب. لكن إذا رجعنا خطوة للوراء، قد نلاحظ أن الصورة معقدة بدرجة أكبر. فالدينامية السياسية الحالية في الولايات المتحدة تشبه لعبة الدجاجة ـ اقتراح كلاسيكي في نظرية اللعبة. وهو نموذج مقتبس من مشهد Chicken Run من فيلم Rebel Without a Cause لجيمس دين، حيث يدخل رئيسان من زعماء العصابات في سباق سيارات مسروقة متجهين نحو حافة ليريا من سيتجنب الخطر أولا. وتعيش الديمقراطية الأمريكية والعالم السيناريو نفسه.
إن كلا الحزبين الرئيسين على وشك ترشيح مرشحين ضعيفين، يتشابهان في ميزة واحدة وهي الشيخوخة. فإذا أعيد انتخابهما، فسيكون بايدن في سن الـ82 من عمره يوم تنصيبه، وسيكون ترمب في الـ78. وقد قطع ترمب وعدا بأنه سيكون أكثر تشددا مما كان عليه خلال فترته رئاسته الأولى. وهدفه هو "الانتقام" والحكم بديكتاتورية لتطهير الدولة الأمريكية من معارضيه. مع ذلك، يبدو أنه يزداد عجزا عن تكوين جمل منطقية، ولا يزال غافلا عن الحقائق السياسية الأساسية كما كان دائما.
لقد كان للخرف تأثير كارثي في المناصب الرفيعة في لحظات حاسمة من التاريخ. فقد كان الرئيس الألماني، بول فون هيندنبورج، في الـ88 من العمر، ويعاني خرفا متقدما في فترة انتخابات 1932 التي انتهت بصعود هتلر إلى السلطة. كذلك، كان رامزي ماكدونالد، رئيس الوزراء البريطاني يعاني العلامات الأولى لمرض ألزهايمر خلال الكساد الكبير. بالطبع، بايدن هو من يوصف كثيرا بأنه شخص متقدم في السن. وهذا غير صحيح وظلم في حقه. والواقع أنه يظل سريع البديهة، ولكنه مقيد بالتراث المالي والاقتصادي للجائحة. ومع أن التضخم آخذ في التراجع، إلا أنه أقلق عديدا من الناخبين، حتى في الاقتصادات القوية.. يتبع.

إنشرها