عمالة منفلتة

ظاهرة تزايد أعداد العمالة المنفلتة أمام مراكز الفحص الدوري وقطع غيار السيارات ومحال السباكة والكهرباء والديكورات، تهدد هيبة الأنظمة بعد أن تحولت شوارع رئيسة في مناطق حضارية فخمة إلى ورش تمارس مهنة سمكرة السيارات في الهواء الطلق، بأيدي عمالة مخالفة تفتقد المهارة والتراخيص والمستندات الشخصية معظمها من جنسية واحدة، الأمر الذي أدى إلى انحدار مستوى الصيانة واستفحال الخسائر وتزايد مشكلات المستهلكين، فالظاهرة المتفاقمة منتشرة ومثيرة للقلق، بل مؤثرة في مخرجات الرؤية، إضافة إلى خطورتها خاصة أن بعض هؤلاء يعودون بعد ترحيلهم بفترة وجيزة إلى مزاولة المخالفات نفسها في الحاضنات ذاتها دون رادع، عدا الاستجابة المؤقتة لمرور دورية عابرة بالاختفاء داخل الأحياء السكنية المجاورة، والعودة السريعة إلى ممارسة المخالفات الصارخة.
لا بد من ضبط المسألة، فالحاجة ماسة إلى الحفاظ على المنجزات المتحققة ووقف التشوه البصري المؤدي إلى تعطيل عجلة التقدم المنشود، والأهم الحفاظ على الأمن في ظل التزايد المتواصل والمذهل للأعداد التي تجد المرشد الموجه من بني جنسها، لتعمل في نشاط مهني دون أدنى مهارة حتى باتت خريطة التخصصات من حيث الجنسية معروفة، فصيانة الأطباق اللاقطة على سبيل المثال تسيطر عليها جنسية بعينها، كذلك الحال بالنسبة إلى بقية المهن الموزعة على مختلف الجنسيات، بحكم تبرع المخالفين السابقين بإيجاد وظائف للأقارب السائبين الجدد، لتتخرج دفعات وأجيال تدربت على حسابنا لا تفقه بالمهنة شيئا يمكن ذكره على الإطلاق.
لا يكفي تسيير لجان مراقبة في أوقات معينة دون غيرها للحد من ظاهرة برزت منتفعة بالتسهيلات القائمة على توفير البنى التحتية لمسارات العمل المهني، في مقدمتها الترخيص لمحال الصيانة وبيع قطع الغيار على الشوارع الرئيسة دون ضوابط أو مراعاة لبرامج مكافحة التشوه البصري، ودون التفات لحجم التلوث المقلق جراء تسرب زيوت السيارات، فالحلول الجذرية تستدعي متابعة جادة دائمة تحفظ هيبة النظام ونظافة الطرقات، والأهم عدم التصريح بافتتاح محال الصيانة وقطع غيار السيارات وزينتها على الطرق السريعة والشوارع الرئيسة ومداخل المدن ومخارجها، لكونها مصدرا من مصادر التشوه وبنية تحتية لتجمهر العمالة بهدف اصطياد الزبائن، ذلك أن إمكانية تخصيص مراكز بمساحات وتصاميم واشتراطات موحدة سيجعلها تحت الرقابة الدائمة بما يحقق تحسين الصورة ورعاية المستهلك وحماية الأمن، وقد يتوجه بعض القادمين بتأشيرة العمرة والحج إلى تلك المنافذ للحصول على عمل ولو كان مؤقتا، فيما بعض المقيمين إقامة نظامية يجدونها فرصة مواتية للعمل خارج مهامهم التي قدموا من أجلها في أوقات فراغهم، والدليل وجود هذه المجموعات الكبيرة من العمالة العاطلة والمخالفة على أبواب الفحص الدوري ومحال بيع قطع الغيار في مدينة جدة، خاصة شارع سلطان بن سلمان، وللأسف بمواجهة مطار الملك عبدالعزيز ومحطة القطار، جازما أن المشهد نفسه ماثل للعيان في كثير من المدن ولن يختفي قبل تنظيم المحال التي تستقطب هؤلاء المنفلتين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي