الأشجار «تحيا واقفة»

يردد من له عناية أو اهتمام بالأدب جملة "الأشجار تموت واقفة" وهي عنوان مسرحية الإسباني "اليخاندرو كاسونا" التي كتبها 1949، وأصبحت الجملة / العنوان رمزا لقوة الإرادة، والعطاء حتى آخر لحظة، إضافة إلى العنفوان والكبرياء الذي تمثله صورة "الموت واقفا" بالنسبة لأي كائن حي.
حسنا، نحن نريد الأشجار أن "تحيا واقفة" وتظل تمثل معاني الإرادة والعطاء، موقنين أن السبيل الوحيد للتغلب على آثار اندثار الغطاء النباتي هو إعادة هذا الغطاء لتتدثر به الأرض التي نحيا عليها، وتتدثر به الأرواح العطشى للطبيعة، والعقول التي تعرف ماذا يعني أن تعود كثير من المناطق إلى طبيعتها، وتعمل على أن يكون لها جهد وإسهام في ذلك.
أثناء فعاليات النسخة الثانية من أسبوع المناخ في الشرق الأوسط وإفريقيا التي أقيمت هذا الأسبوع في الرياض أعلنت المملكة عن خريطة الطريق الخاصة بزراعة "عشرة" مليارات شجرة، التي تندرج ضمن التزامات المملكة الوطنية والدولية بالتصدي لكل التحديات البيئية المتعلقة بالمناخ وتحسين جودة الحياة من خلال الفوائد الاقتصادية والاجتماعية التي سيتم تحقيقها على المدى الطويل من خلال التشجير.
هذه الخريطة تأتي في إطار مبادرة السعودية الخضراء التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، رئيس اللجنة العليا للسعودية الخضراء، وهو رئيس وعراب ومتابع هذا الحلم الأخضر الذي مع إعلان هذه الخريطة كخطة عمل يلزمنا أكثر بالعمل جميعا على هذا المشروع الذي سينمي الغطاء الأخضر في كل مكان.
خريطة الطريق استندت إلى دراسة جدوى علمية استراتيجية تفصيلية استمرت لمدة عامين، جرى تنفيذها بالتعاون بين وزارة البيئة والمياه والزراعة والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، بمشاركة نخبة من أمهر الخبراء محليا ودوليا في تخصصات متعددة، وستكون على مرحلتين، الأولى من 2024 حتى 2030، وتتبع نهجا قائما على الطبيعة، لإعادة التأهيل البيئي، بينما ستبدأ المرحلة الثانية في 2030، وسيتم خلالها العمل على استحداث نهج شامل يعتمد على الجهود البشرية في إعادة التأهيل البيئي.
يمكننا جميعا الإسهام في هذا المشروع الأهم بالنسبة لجودة الحياة، يمكننا زراعة شجيرة في حوض، أو شجرة في مدخل منزل، أو أكثر في المكان المتوفر داخل المنزل أيا كانت مساحته، فبضعة أمتار لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة يمكن أن تكون حديقتك الأثيرة، وجهدك البشري في تحقيق الحلم، وفي حياتك "واقفا" تبذر وتغرس وتسقي، واقفا ضاحكا مستبشرا بما ستخلفه لأرضك وأحبابك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي