شرق أوسط تجاري مدعوم بالجغرافيا الاقتصادية «4 من 4»

إن تحقيق مزايا التكامل التجاري الإقليمي بالكامل يقتضي إصلاح السياسات التجارية لإزالة الحواجز، بما في ذلك التدابير التقييدية غير الجمركية، واللوائح المعقدة، والفساد، والمعوقات اللوجستية. ومن شأن تكامل البنية التحتية التجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا "الموانئ والمطارات والخدمات اللوجستية" مع دول مجلس التعاون الخليجي، تخفيض التكاليف وتسهيل التجارة البينية في المنطقة، ما يؤدي إلى زيادة التكامل الإقليمي واستفادة جميع الأطراف من مكاسب التجارة. ويمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أن تقود التكامل الاقتصادي والتحول في المنطقة من خلال الاستثمارات في البنية التحتية المادية والبنية التحتية المرتبطة بالتجارة والخدمات اللوجستية، إضافة إلى إنشاء شبكة كهرباء متكاملة لدول مجلس التعاون الخليجي. ويمكن لشبكة كهرباء متكاملة تعمل بالطاقة المتجددة في دول مجلس التعاون الخليجي أن تمتد حتى تصل إلى أوروبا وباكستان والهند.
وأمام دول مجلس التعاون الخليجي فرصة للاستفادة من الانفصال والتشتت على مستوى العالم عن طريق استراتيجيتها التي لا تزال تتكشف ملامحها، المتمثلة في السعي نحو العولمة كمجموعة إقليمية من خلال الاتفاقيات الجديدة للتجارة والاستثمار، والمساعدات الخارجية، والاستثمار المباشر واستثمار الحافظة. إن الابتعاد المستمر عن الصراعات الإقليمية طويلة الأمد، في إسرائيل والضفة الغربية وغزة واليمن وإيران وليبيا ودول أخرى، وإقامة روابط جديدة "الانفتاح الدبلوماسي مثل اتفاقيات أبراهام" يحد من المخاطر الجغرافية ـ السياسية التي تهدد تشجيع التجارة والاستثمار في المنطقة. ويمكن لدول مجلس التعاون الخليجي استغلال ذلك كفرصة لتشكيل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتصبح مركزا تجاريا واستثماريا مترابطا. إن مفاوضات التجارة الحرة الجديدة المتسارعة التي تجريها دول مجلس التعاون الخليجي مع الشركاء الرئيسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومنها مصر والأردن، وفي آسيا، ومنها الصين وكوريا الجنوبية، يمكن أن تصبح حجر الزاوية في هذا التحول. ووقعت الإمارات بالفعل اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة مع الهند وإندونيسيا وتركيا تغطي الخدمات والاستثمار والجوانب التنظيمية للتجارة.
هناك طريقتان متكاملتان للمضي قدما. تتمثل إحداهما في تنفيذ السوق المشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي، والاستثمار في التجارة الرقمية، وخفض الحواجز الجمركية وغير الجمركية، والحد من القيود المفروضة على التجارة في الخدمات، إلى جانب الإصلاحات اللازمة لتسهيل زيادة سهولة حركة العمالة وتعزيز الروابط بين الأسواق المالية والرأسمالية. ثانيا، ينبغي لدول مجلس التعاون الخليجي إبرام اتفاقيات جديدة وعميقة للتجارة مع الدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بحيث تتجاوز التجارة الدولية لتشمل اتفاقية بشأن التدابير غير الجمركية، والاستثمار المباشر، والتجارة الإلكترونية والخدمات، ومعايير العمل، والضرائب، والمنافسة، وحقوق الملكية الفكرية، والمناخ، والبيئة، والمشتريات العامة "بما في ذلك المشاريع العملاقة". وينبغي لدول مجلس التعاون الخليجي، التي استخدمت في الماضي المساعدات الخارجية والمساعدات الإنسانية لدعم دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن تختار سياسة "المعونة من أجل التجارة" لدعم شركائها في تنفيذ إصلاحات تعزيز التجارة الرامية إلى تخفيض الحواجز أمام ممارسة الأعمال والاستثمار، وتحسين البنية التحتية اللوجستية، وتسهيل حركة السلع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي