شرق أوسط تجاري مدعوم بالجغرافيا الاقتصادية «3 من 4»

إن التغلب على معوقات توسيع التجارة في المنطقة يقتضي إزالة الحواجز أمام التجارة والاستثمار، وتنويع اقتصادات المنطقة، وتحسين البنية التحتية. وليس من شأن إعداد جيل جديد من اتفاقيات التجارة، بما في ذلك تجارة الخدمات الأكثر اعتمادا على المعرفة، أن يدعم سياسات تنويع الصادرات فحسب، بل أن يساعد أيضا على سد الفجوات بين الجنسين، وتحسين التمكين الاقتصادي للمرأة، ما يؤدي بالتالي إلى نمو الاقتصاد وتكامله على نحو يحقق مزيدا من الاحتواء للجميع.
وقد أبرزت الجائحة الحاجة إلى تنويع التجارة "المنتجات والشركاء على السواء" وإنشاء سلاسل إمداد جديدة. ورغم أن تجارة النفط في دول مجلس التعاون الخليجي لا تزال مهيمنة نوعا ما، فقد شرعت هذه الدول في تطبيق سياسات وإصلاحات هيكلية متنوعة، مثل زيادة سهولة حركة العمالة وفتح أسواق رأس المال عبر الحدود، لتنويع النشاط الاقتصادي بعيدا عن الاعتماد المفرط على النفط والإيرادات المتحققة منه.
وأدى ذلك إلى تنويع مزيج الناتج "على سبيل المثال، زيادة التركيز على الصناعة التحويلية" ومزيج منتجات التصدير "على سبيل المثال، زيادة صادرات الخدمات" إلى جانب حدوث تحول واضح في أنماط التجارة نحو آسيا وبعيدا عن الولايات المتحدة وأوروبا. في الآونة الأخيرة، سلطت الحرب في أوكرانيا الضوء على مأزق الدول المستوردة للغذاء في الشرق الأوسط في سياق الأمن الغذائي. "بلغ نصيب روسيا وأوكرانيا ثلث صادرات القمح العالمية، وكانت لبنان وتونس تستوردان ما يقرب من 50 في المائة من احتياجاتهما من القمح من أوكرانيا".
يوضح المؤشر الفرعي للتجارة في مؤشر التنويع الاقتصادي العالمي أن الدول التي تعتمد على السلع الأولية، وتشهد درجاتها أكبر تحسن مع مرور الوقت، قد خفضت اعتمادها على صادرات الوقود، أو خفضت تركز صادراتها، أو شهدت تغيرا هائلا في تكوين صادراتها. وهناك مثال على الحالة الأخيرة وهو زيادة تركيز السعودية على الصادرات متوسطة وعالية التكنولوجيا، التي ارتفعت كنسبة من إجمالي صادرات الصناعة التحويلية إلى 60 في المائة تقريبا قبل جائحة كوفيد - 19 مقابل أقل من 20 في المائة في 2000، نجد أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ككل حققت بالفعل بعض التقدم نحو التنويع الاقتصادي.
واستفادت دول مجلس التعاون الخليجي من ارتفاع أسعار السلع الأولية، أخيرا، لكن الجائحة عززت استراتيجيات التنويع القائمة على التوسع في قطاعات جديدة، بما في ذلك تطوير المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية الخاصة. وتراوح هذه السياسات بين جذب الاستثمار "بما في ذلك الاستثمار الأجنبي المباشر" وزيادة القيمة المضافة، والصناعة التحويلية ذات التكنولوجيا الأعلى، والاستثمار في قطاعات جديدة "الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا المالية، والذكاء الاصطناعي"، وفتح الأسواق أمام مستثمرين جدد واستثمارات جديدة "كما يتضح من الموجة الأخيرة من عمليات الطرح العام الأولي في القطاعين النفطي وغير النفطي". تساعد هذه الإصلاحات على توسيع الأسواق "داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ونحو إفريقيا وأوروبا وجنوب آسيا"، بينما توفر القطاعات الواعدة، مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الزراعية طرقا مستدامة لتوسيع هامش التجارة الأفقي، وهامش التجارة الرأسي، وصنع فرص عمل جديدة... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي