عمليات التنمية الدولية ضرورة اقتصادية «4 من 4»
بعد مرور ما يقرب من عقد على مغادرة شفيق وزارة التنمية الدولية، قام رئيس الوزراء بوريس جونسون بضمها إلى وزارة الخارجية كما خفض الالتزام بالإنفاق على المساعدات. وتقول، "إن نجاح وزارة التنمية الدولية ينبع من وضوح هدفها، وهو الحد من الفقر في العالم. وهذا الأمر غير وارد في وزارة الخارجية، بأهدافها الجغرافية ـ السياسية والتجارية وغيرها. وتضيف، "إن وجود الصوت والأدوات التي تطرحها وزارة التنمية الدولية أمر نفتقده بشدة في النظام الدولي اليوم".
من الإنصاف القول إن النظام الدولي ومؤسساته في وضع صعب. فقد تم تخفيض الميزانيات المخصصة للمساعدات، وتهدد الحرب الروسية في أوكرانيا والتوترات الجغرافية ـ السياسية بإعاقة المنظمات متعددة الأطراف، كما أن ارتفاع أسعار الفائدة يزيد الضغوط على الاقتصادات النامية المثقلة بالديون.
وتقول شفيق، "لم يكن السياق الخارجي للمنظمات الدولية بهذه الصعوبة منذ الحرب الباردة". وتؤكد أهمية استمرار الدول في تخصيص مجال للتعاون الدولي، ولا سيما فيما يتعلق بالسلع العامة العالمية مثل المناخ، والتأهب للجوائح، والاستقرار المالي. وتقول، "تزداد أهمية وجود مكان تجرى فيه المحادثات حول هذه القضايا العالمية عندما لا يكون أداء القنوات الثنائية جيدا".
وحول الضغائن التي أثارها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فقد تزامنت الأعوام الثلاثة التي قضتها شفيق في بنك إنجلترا مع تصويت المملكة المتحدة في 2016 لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي. وتقول إنها تتذكر دخول غرفة التداول بكامل موظفيها في الساعة الرابعة صباحا لمشاهدة النتائج ورؤية انخفاض قيمة الاسترليني على الشاشات مع فتح الأسواق الآسيوية.
وكانت فترة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فترة تسودها الضغائن. فالمشورة السديدة التي قدمها بنك إنجلترا حول ما قد يلحق بالاقتصاد من إيذاء للذات نتيجة التصويت لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي دفعت مؤيدي الخروج إلى اتهام البنك بأنه جزء من مؤامرة "مشروع الخوف". وتقر شفيق بأن محاولات البنك لإثراء النقاش بتحليل اقتصادي دقيق لم تحقق سوى "نجاح متباين". وفي النهاية، كما تقول، كان التصويت حول أمر يغلب عليه الطابع السياسي.
وهي ترى أن أكبر مساهمة قدمها البنك تمثلت في التخطيط للطوارئ من أجل الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي والمالي بغض النظر عن النتائج السياسية. وتقول شفيق، "مع فتح الأسواق في لندن، تمكنا من القول إن لدينا تسهيلات السيولة التي يمكن تقديمها في حالة احتياج أي مؤسسة لها. ونظرا إلى أننا كنا جاهزين وكانت لدينا القدرة على طمأنة الأسواق، لم تكن هناك حاجة إلى أي دعم".
وقد غادرت شفيق بنك إنجلترا في 2017 من أجل العمل الأكاديمي. وأثناء فترة عملها رئيسا لكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية ـ في ذروة جائحة كوفيد ـ ألفت شفيق كتاب ما يدين به كل منا للآخر، الذي تدعو فيه إلى إعادة التفكير في العقد الاجتماعي. فهل كانت ستؤلف الكتاب بشكل مختلف اليوم؟ التغيير الوحيد، على حد قولها، كان سيتمثل في إضافة فصل عن العقد الاجتماعي الدولي وكيفية تقويته.
وقد فوجئ كثيرون بامرأة قضت فترة طويلة من حياتها في المؤسسات الدولية تؤلف كتابا عن السياسات الاجتماعية الوطنية. ولكن شفيق تقول إنها تعتقد أن الناس لن يدعموا نظاما عالميا أكثر تعاونا إلا إذا كان العقد الاجتماعي الوطني عادلا. وتقول، "يجب أن يرى الناس أنهم في مجتمع يتسم فيه هيكل الفرص بالعدالة، وهذا سيجعلهم أكثر سخاء تجاه مواطني الدول الأخرى".