عمليات التنمية الدولية ضرورة اقتصادية «3 من 4»

قضت الخبيرة الاقتصادية شفيق، جانبا كبيرا من حياتها المهنية في لندن وواشنطن. وتزوجت العالم رافائيل جوفين، في 2002 في واشنطن، وأنجبت منه توأما، وأصبحت زوجة أب لأبنائه الثلاثة ـ كل ذلك في عام واحد من الأرق المتواصل. حتى يومنا هذا، تقوم بزيارات متكررة لمصر، موطن والدتها وأسرة كبيرة ممتدة هنالك. ومن مصادر الإحباط لشفيق، أن الشرق الأوسط يحقق نجاحا أقل مما يمكنه تحقيقه بسبب الممارسات السياسية السلبية والسياسات الاقتصادية المضللة، إلى جانب الصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية.
وفي البنك الدولي في تسعينيات القرن الماضي، سافرت شفيق إلى الشرق الأوسط مرارا أثناء عملية أوسلو للسلام بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات. وألفت كتابا من مجلدين حول فرص التعاون الاقتصادي. وفي العقد الأول من القرن الـ21، أصبحت نائب مدير عام صندوق النقد الدولي مع احتجاجات الربيع العربي التي اجتاحت المنطقة.
وتقول شفيق "في المرتين كان هناك تفاؤل كبير في البداية وخيبة أمل في النهاية". فقد انهارت عملية السلام بعد إخفاقات سياسية لأسباب عديدة من جراء ما شهدته المنطقة من صراعات خفية. وخابت تطلعات الربيع العربي نحو الديمقراطية وسط الثورات المضادة والحروب الأهلية.
ومن الشائع في الشرق الأوسط المطالبة بوجود تطلعات أفضل. وترى شفيق، أن أفضل آمال المنطقة لتحقيق مستقبل أكثر ازدهارا يتمثل في تحويل مسار التراجع المطرد في استقلال البرلمانات والمحاكم والبنوك المركزية والمجتمع المدني والصحافة الوطنية الحرة. وتقول "ما يهم حقا على المدى الطويل بالنسبة إلى آفاق المنطقة هو المؤسسات القوية. أي المؤسسات التي تتأكد من أن القيادة التي لديك أيا كان نوعها تعمل لتحقيق المصلحة العامة".
غير أنها تعرب عن ثقتها بشباب الشرق الأوسط، وتاريخهم الاستثنائي، وإمكاناتهم الهائلة، مشيرة إلى ما شهدته دول المنطقة من ازدهار عندما اتبعت سياسات رشيدة. وتقول "إن قوانين الاقتصاد تسري على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تماما مثلما تسري على مختلف أنحاء العالم".
وحول الحديث عن تشريعات مهمة، فقد أمضت شفيق سبعة أعوام في وزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة، والمعروفة اختصارا باللغة الإنجليزية DFID. وفي 2008، تولت منصب الأمين العام الدائم، وهو أعلى مناصب الخدمة المدنية في الوزارة، وأشرفت على التشريعات التي رسخت في القانون التزاما بإنفاق ما لا يقل عن 0،7 في المائة من إجمالي الدخل القومي على المساعدات الإنمائية الرسمية. وبلغت الميزانية السنوية لتلك المساعدات نحو 20 مليار دولار.
وتقول "لقد شعرنا بفخر كبير في ذلك الوقت، لأن وزارة التنمية الدولية لم تكن توفر موارد ضخمة للتنمية فحسب ـ مع تركيز قوي على أفقر دول العالم، بل كانت توفر أيضا القيادة للنظام الدولي بأكمله، وتقوم بتعبئة الموارد من الدول الأخرى والمنظمات الدولية".
ويرى سوما شاكرابارتي، الذي كان أعلى مسؤول في وزارة التنمية الدولية قبل شفيق، أن السبب في نجاحها في القيادة هو فهمها ما يحفز الناس واستخدام هذا الفهم في إنتاج أفكار للإصلاحات المطلوبة بشدة. ويقول إنها استخدمت هذه المهارات لإحداث التغيير في العالم النامي وفي كل مؤسسة عملت فيها.
وعمل مسعود أحمد، رئيس مركز التنمية العالمية، بجانب شفيق، في مناصب مختلفة في البنك وصندوق النقد الدوليين ووزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة. ويقول أحمد "إن أكثر الأشياء اللافتة للنظر فيها هي إنسانيتها وصدقها". ويضيف قائلا إنها قادرة أيضا على توجيه رسائل شديدة اللهجة بطريقة غير مسيئة. "إن تعاطفها الواضح يمكنها من فصل الرسالة عن الشخص بأسلوب فريد للغاية"... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي