100 صدمة تضخمية و7 حقائق
تستكشف ورقة تحليلية عن أكثر من 100 صدمة تضخمية في 56 دولة منذ السبعينيات، بما فيها أكثر من 60 حادثة مرتبطة بأزمات النفط في الفترة 1973-1979.
وعرضت الورقة التي قدمها صندوق النقد الدولي سبع حقائق عن تلك الصدمات التضخمية، ودرست العلاقات بين عمليات تقليص التضخم الناجحة وأساسيات الاقتصاد الكلي وخيارات السياسات. إلى الحقائق السبع:
الحقيقة 1: التضخم مستمر
نبدأ التحليل بتوثيق المدة التي استغرقها حل صدمات التضخم تاريخيا، أي إعادة التضخم إلى ما يقارب نقطة مئوية واحدة من معدل ما قبل الصدمة. تحذر النتائج من توقع تراجع التضخم السريع. فقط في أقل من 60 في المائة من الحالات في العينة الكاملة (64 من أصل 111) تم حل التضخم في غضون خمسة أعوام بعد الصدمة. وحتى حله، استغرق تراجع التضخم أكثر من ثلاثة أعوام في المتوسط. وكانت النتائج التاريخية أسوأ في أعقاب صدمات معدلات التبادل التجاري المرتبطة بأزمات النفط في الفترة 1973-1979، حيث تم حل أقل من 50 في المائة من حوادث التضخم في خمسة أعوام (29 من أصل 61) واستغرق انخفاضه 3.5 عام في المتوسط.
الحقيقة 2: "احتفالات سابقة لأوانها"
في 90 في المائة من حوادث التضخم الذي لم يتم علاجه (42 من أصل 47 في العينة الكاملة، و28 من أصل 32 خلال أزمات النفط 1973-79)، انخفض التضخم خلال الأعوام الثلاثة الأولى بعد الصدمة الأولية، لكن بعدها إما استقر عند مستوى مرتفع وإما تسارع من جديد. أحد التفسيرات المحتملة لـ"الاحتفالات المبكرة" يتعلق بتأثير القاعدة المنطلق منها. فمع انحسار العوامل الكامنة وراء صدمة التضخم الأولية (مثلا، عودة أسعار الطاقة لمستوياتها، الأمر الذي خفف من صدمة معدلات التبادل التجاري)، قد ينخفض التضخم الكلي مؤقتا على الرغم من استعصاء التضخم الأساسي. ثمة تفسير آخر محتمل يتعلق بفرض السياسات دون استمرار، مثل تخفيف السياسة قبل الأوان استجابة لانخفاض التضخم، وهو ما سيتم توثيقه في إطار الحقيقة 4.
الحقيقة 3: الحل الناجح بالتشدد النقدي
ننتقل الآن إلى مقارنة السياسات الاقتصادية في الدول التي نجحت في حل صدمات التضخم وفي تلك التي لم تنجح. سنركز على مجموعة فرعية من صدمات التضخم التي تتوافق مع أزمات النفط 1973-79. والنتيجة الرئيسة هي أن الحل الناجح لصدمات التضخم ارتبط بتشديد أكثر للسياسة النقدية.
الحقيقة 4: سياسات تقييدية بمرور الوقت
إضافة إلى تشديد سياسات الاقتصاد الكلي في حد ذاتها، تم الحفاظ على موقف السياسة العامة في الدول التي حلت التضخم، حيث رفعت البنوك المركزية أسعار الفائدة وأبقتها مرتفعة فترة أطول، واتبعت الحكومات سياسات مالية تقييدية – أي إبطاء نمو المعروض النقدي لإبطاء الاقتصاد.
الحقيقة 5: سعر الصرف الاسمي
الدول التي عالجت التضخم بنجاح تمكنت من الحفاظ على استقرار سعر الصرف الاسمي، وكانت احتمالية تخليها عن ربط عملتها أقل، وأقل عرضة لانخفاض كبير في سعر الصرف الاسمي. نجم عن الحفاظ على استقرار سعر الصرف الاسمي ارتفاع حقيقي في قيم عملات الدول التي حلت التضخم. وبينما عانت الموازين التجارية لجميع الدول صدمة في معدلات التبادل التجاري، لم يكن هناك اختلاف في تدهور الميزان التجاري بين الدول التي حلت التضخم والتي لم تفعل، بخلاف الارتفاع الحقيقي المذكور سابقا. أحد التفسيرات المحتملة لذلك هو أن سياسات إدارة الطلب الأكثر تشددا (حقيقة 3) تعوض عن آثار تحويل الإنفاق للارتفاع الحقيقي، ومن ثم يقلل ذلك من الطلب على الواردات. وأحد التفسيرات الأخرى المحتملة هو أن الدول التي عالجت التضخم لديها سياسات أكثر مصداقية أو تجنبت الاضطرابات الاقتصادية المرتبطة بالتضخم، التي كان من الممكن أن تعزز الصادرات فيما بعد.
الحقيقة 6: نمو أقل في الأجور الاسمية
نظرا إلى نقص البيانات التاريخية عن الأجور سنستخدم العينة الكاملة من وقائع التضخم خلال الفترة 1973-2014. في الدول التي حلت مشكلة التضخم، تراجع نمو الأجور الاسمية بعد صدمة التضخم. وعلى النقيض، أظهرت الدول التي لم تحل مشكلة التضخم نموا متسارعا في الأجور الاسمية. هذا يشير إلى الحاجة إلى مراعاة ضغوط سوق العمل أثناء صياغة استجابة سياسية لصدمات التضخم. كما يشير إلى أن تباطؤ نمو الأجور الاسمية قد يكون له في نهاية المطاف تأثير ضئيل في الأجور الحقيقية، بسبب مساهمته في مكافحة التضخم.
الحقيقة 7: نمو أقل على المدى القصير
من حيث المفهوم، توجد قوتان تلعبان دورهما في العلاقة بين انخفاض التضخم ونتائج النمو والبطالة. فمن ناحية، قد تنطوي السياسات الصارمة اللازمة لنجاح خفض التضخم على التضحية من حيث انخفاض النمو وارتفاع معدلات البطالة. ينبغي أن تكون هذه التكاليف مؤقتة، وأن يتم تكبدها في الوقت الذي يشتد فيه موقف السياسات. ومن ناحية أخرى، تؤدي صدمات التضخم التي لم تحل إلى تراكم التكاليف الحقيقية المرتبطة عادة بمستويات التضخم المرتفعة باستمرار، ما يعكس تكاليف عدم استقرار الاقتصاد الكلي. لذا، الفرضية تقول إن الدول ذات التضخم الذي تم حله قد تعاني نتائج اقتصادية أسوأ على المدى القريب، لكن هذه العلاقة ستتبدد (بل تنعكس في نهاية المطاف) بمرور الوقت فيما تتراكم تكاليف عدم استقرار الاقتصاد الكلي في الدول ذات التضخم الذي لم يتم حله.