التأمين والرخصة
لا تهتم شركات التأمين بالسلوك الائتماني أثناء تقديم العرض المالي كما ينبغي بقدر اهتمامها بالمنافسة رغم الحاجة إلى إشاعة العدل وإنصاف ذوي السلوك الائتماني النظيف، قياسا لذوي التصرفات المؤدية للخسائر، حيث اتضح أن استغلال أنباء فرض التأمين بحاجة إلى التفاتة تعيد الأمور إلى نصابها بما يحقق مصالح جميع الأطراف، ويؤدي إلى تعزيز ثقافة تقبل التحديث للتكيف مع المرحلة، بل يؤصل لتوازن يقف حاجزا أمام اغتنام الفرص المذموم، ذلك أن أسعار التأمين لا تراعي سجل المؤمن ولا تفرق بين سلوك العملاء ولا تميز الأكثر حرصا عن سواه من مخالفي نظام السير، ولهذا ارتفعت الأصوات لتأصيل قيمة التأمين وإعادة النظر في المزايا ومراجعة العقود والحرص على توحيدها لتعم الفائدة ويستقيم الأمر.
هناك من ينادي بالعودة إلى التأمين على رخصة القيادة بحكم أهمية السجل الائتماني في تحديد مستوى المخاطرة، لكون السلوك معيارا أساسا لحجم ونوع وهيئة المخالفة ومستوى ارتكاب الخطأ المؤدي لإشاعة الضرر، فكلما كان مسلك السائق متهورا وفق الاستدلال الاستقصائي كان رفع قيمة الرسم التأميني مبررا، والعكس صحيح، وهؤلاء المنادون باعتماد رخصة القيادة ينطلقون من قناعة راسخة بمسؤولية السائق عن الخسائر والأضرار وفقا لحجم الخطأ ونسبته المقدرة، إضافة إلى تعدد السيارات المملوكة للفرد، وفي المقابل هناك من يعزز فكرة إلزام موردي السيارات للتأمين الشامل على المركبة المبيعة لمدة لا تقل عن خمسة أعوام ضمن نطاق خدمات ما بعد البيع، أسوة بمبيعات الأقساط والإيجار، وهناك من صعق من سرعة استجابة شركات التأمين على أخبار الفرض برفع الرسوم حتى تجاوزت الضعف، ولكل هذا ارتفعت أصوات العقلاء بالمطالبة بالتدخل فيما يعزز التوازن في مسألة التأمين الصحي والتأمين على المركبات بحكم الحاجة الماسة إلى هذين المجالين المهمين للأفراد على وجه التحديد، ذلك أن اعتماد سلوك المؤمن عليه معيارا لتحديد القيمة المالية يجنب شركات التأمين الحرج، ويسهم في خفض الأخطار مثلما يؤدي إلى استقامة الممارسات الشخصية لطالبي خدمة التأمين، ويوجد القدوة الحسنة في أوساط المجتمع، بل يدفع الجميع إلى التنافس في مضمار الوصول إلى نسبة متدنية من الحوادث في الوسط المروري، ويرشد من الزيارات الطبية غير الضرورية في الأوساط الصحية طمعا بمكافأة التجديد المخفض.
أجزم أن شركات التأمين والجهات الرقابية النشطة قادرة على استيعاب الحاجة إلى طروحات اجتماعية مفيدة ومثمرة رافقت أنباء فرض التأمين الذي صاحبه ارتفاع مسعور، جلها ركز على جوانب مهمة ليس من بينها السؤال الأخرس عن سبب رفع القيمة التأمينية بقدر طرح الأسئلة عن سبب عدم المفاضلة والتمييز بين جملة المؤمن عليهم، مضاف إلى هذا، التطلع إلى اعتماد رخصة القيادة في مسألة التأمين على المركبة ليغطي مدة سريان الرخصة بحيث تدفع الرسوم بشكل سنوي كذلك الحال فيما يخص التأمين الصحي.