ذروة العولمة وجمود التجارة
يعد قطاع التجارة الدولية من القطاعات المهمة التي أوجدتها طبيعة الحياة في ظل وجود عالم مفتوح على مصراعيه في التبادل التجاري والتنافس الاقتصادي في الأسواق الدولية، فصار للتجارة تخصص يعتمد على مجموعة من القواعد التي تستخدم في تنظيم تبادل المنتجات عن طريق الاعتماد على المناطق والأقاليم التجارية، ويتعرف الطالب في تخصص التجارة الدولية على مفاهيم مهمة في التسويق الدولي، ولا سيما ما يتعلق بالمؤسسات الكبرى وما يتصل بمهمات المديرين والموظفين.
وللحديث عما هي مميزات دراسة التجارة الدولية؟ فيعد قطاع التجارة الدولية من القطاعات التي تستقطب كثيرا من المهتمين، لكونه القطاع المرتبط بآليات تنظيم التجارة عالميا، ويؤهل لدخول سوق العمل، لأن التجارة الدولية من المفاهيم الواسعة، وصارت جزءا من الاقتصاد العالمي، وأن معرفة جميع النظريات الأساسية لمبادئ الاقتصاد والاقتصاد الدولي والتجارة الدولية والمهارات التشغيلية للعمل الفعلي في التجارة الدولية، يجعل المتخصص على مسافة قريبة من تحقيق الثروات.
ولاحظ خبراء الاقتصاد والتجارة أن جمود التجارة وزيادة القيود إيذان بحقبة جديدة من العولمة، وتسهم حرية تدفق السلع والخدمات ورؤوس الأموال والأفراد والأفكار عبر الحدود الوطنية في تعزيز التكامل الاقتصادي. غير أن طبيعة العولمة، أي الاتجاه نحو انتقال هذه العوامل بحرية أكبر من أي وقت مضى بين الدول ـ تغيرت على مدى العقود السابقة لتشهد أخيرا ما يبدو أنه ذروة مؤقتة.
ويستخدم مقياس الانفتاح التجاري ـ أي حاصل جمع الصادرات والواردات في جميع الاقتصادات كنسبة من إجمالي الناتج المحلي العالمي ـ كمقياس بديل للعولمة. وتعكس بيانات القرن ونصف القرن السابقين بوضوح أهم مراحل العولمة.
استقر المؤشر على مستوى العالم منذ 2008، بل تراجع المقياس في عدد من اقتصادات العالم الكبرى. وفي الوقت نفسه، شهد العالم طفرة هائلة في حجم القيود التجارية على مدار الأعوام القليلة الماضية. ونلاحظ تزايد القيود التجارية المفروضة سنويا في مختلف أنحاء العالم ونلاحظ التفاوت في الأرقام بين كثير من الدول حيث تشمل القيود التجارية المفروضة على السلع والاستثمار والخدمات مبينة على مرصد البيانات المرصودة في مؤشرات التجارة الدولية.
وتعد هذه الاتجاهات غير مبشرة بالنسبة إلى مستقبل العولمة، وأصبحت موضع تركيز أكبر هذا العام في الوقت الذي يعمل فيه صناع السياسات على فهم احتمالات تزايد التشرذم الجغرافي ـ الاقتصادي ومعالجتها.
ويأتي ذلك في أعقاب احتدام التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، وهما الولايات المتحدة والصين، والعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا أخيرا التي تسببت في اضطرابات هائلة في تدفقات المال والغذاء والطاقة عبر مختلف أنحاء العالم. وعلاوة على ذلك، أدت جائحة كوفيد- 19 إلى زيادة التركيز على الأمن الاقتصادي وتعزيز صلابة سلاسل الإمداد التي كشفت الجائحة عن ضعفها في عديد من الدول. كما نلاحظ تراجع بيانات التجارة العالمية في عديد من دول العالم بما في ذلك بعض اقتصادات الدول المتقدمة. وسجلت مجموع الصادرات والواردات تراجعا إذا تم رصدها أو إحصاؤها من إجمالي الناتج المحلي.