سبل كسب العيش ودفع عجلة التنمية «1 من 3»
يسهم تغير المناخ، والنمو السكاني، وتفاوت أنماط التنمية الاقتصادية في استنزاف وتلويث موارد المياه العذبة العابرة للحدود في أجزاء كثيرة من العالم. والآثار المجتمعة لزيادة استغلال المياه العابرة للحدود وتلوثها وتأثير تغير المناخ في توافرها وتفاوت معدلات هطول الأمطار، تعني أنه بحلول 2050، يمكن أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين يعيشون في أحواض عابرة للحدود تعاني الإجهاد المائي. وتتفاقم هذه الاتجاهات بسبب عدم التعاون بين المؤسسات المعنية، لا توجد اتفاقيات بشأن التعاون في إدارة المياه العابرة للحدود لأكثر من نصف أحواض الأنهار الدولية في العالم البالغ عددها 310 أحواض، وجميع طبقات المياه الجوفية العابرة للحدود باستثناء خمسة.
وعلى هذه الخلفية، تعد منظمات أحواض الأنهار ركائز أساسية لحوكمة الموارد المائية الدولية والإقليمية، حيث توفر للدول منصة لتبادل المعلومات، وأداة لتحقيق الأمن المائي وتحقيق أهداف التنمية الأوسع نطاقا. ولا يوجد كثير من الوضوح والوعي بشأن منظمات أحواض الأنهار بين العاملين في مجال التنمية وواضعي السياسات، ولا سيما فيما يتعلق بما تحققه من منافع بالنسبة إلى سبل كسب العيش والتنمية ومنع نشوب الصراعات.
وفي المنتدى العالمي الأخير بشأن التعاون في مجال المياه العابرة للحدود من أجل المناخ والتنمية الذي استضافه البنك الدولي في واشنطن العاصمة، اجتمعت منظمات أحواض الأنهار من جميع القارات لتبادل الدروس والتعلم من بعضها بعضا. وانضم إليهم ممثلون عن الحكومات ووكالات الأمم المتحدة والمجتمع المدني والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية، لتحديد الفرص المتاحة بهدف تعميق أوجه التعاون في مجال المياه العابرة للحدود في جميع أنحاء العالم. واتفق المشاركون في المنتدى على الأهمية الأساسية لمنظمات أحواض الأنهار في تحقيق أولويات التنمية المشتركة، وتوفير سلع النفع العام على المستويين العالمي والإقليمي من خلال الإدارة الفاعلة للمياه العابرة للحدود وتطوير وتنمية هذا المورد. ومع تزايد الضغوط على الموارد المائية، تتضح بما لا يدع مجالا للشك القدرة المؤسسية لمنظمات أحواض الأنهار وضرورتها للتصدي للأزمات على نحو كاف، والحيلولة دون أن تصبح المياه مصدرا للتوتر.
ومنظمة حوض نهر السنغال واحدة من عدة منظمات دولية تخطو خطوات كبيرة في تأصيل التعاون في مجال المياه والاستثمارات المشتركة. واستنادا إلى إطار قانوني ومؤسسي محكم ونظام شامل للتخطيط والمعلومات والتنظيم في منظمة حوض نهر السنغال، استطاعت المنظمة أن تشارك في تمويل البنية التحتية المائية المشتركة للري والطاقة الكهرومائية وإمدادات مياه الشرب والحماية من الفيضانات والملاحة، وتعمل جاهدة في الوقت نفسه لحماية النظم الإيكولوجية الغنية للحوض. وهذه البنية التحتية المشتركة، بغض النظر عن موقعها في الحوض، فإنها تمكن الدول من المشاركة في التمويل والمنافع، ما يؤدي إلى تنمية مبتكرة وفاعلة عبر الحدود. وتؤدي هذه الترتيبات إلى جعل منظمة حوض نهر السنغال واحدة من المنظمات القليلة المعنية بأحواض الأنهار في العالم، "والوحيدة في إفريقيا"، التي تمتلك الدول الأعضاء فيها البنية التحتية المائية ملكية كاملة... يتبع.