بيض الاتصال والتسويق

تبدو الصورة غير واضحة لمستخدمي تويتر مع كثرة التغييرات التي تطرأ على سياساته وشروطه التي يراها البعض غير مفهومة، ويعدها البعض الآخر محاولات عشوائية إما للكسب المادي وإما لتحقيق مكاسب أخرى عبر تسخير الموقع لتحقيق أهداف معينة.
ما حدث ويحدث وسيحدث في هذه الوسيلة وربما في غيرها يؤكد أن التطبيقات والإعلام الاجتماعي هي مشاريع ربحية، وبعض الأرباح المستهدفة ليست بالضرورة مالية، فهناك الأجندات الشخصية لملاكها، والأجندات الأكبر والأعمق للدول التي تحتضنها. انظر إلى الجانب الاتصالي للجهات والشركات المحلية والعربية التي وضعت ثقلها التسويقي وخططها للاتصال المؤسسي على أساس استمرار واستقرار هذه المنصة وغيرها، وأهملت أو ألغت تماما بقية وسائل التسويق والتواصل مع عملائها الحاليين والمستهدفين، وقلصت من موردها البشري ومن إنفاقها التسويقي وتعاملت مع التسويق الرقمي والاتصال عبر الإعلام الاجتماعي وكأنه دائم ومستقر. إن هذه الممارسة تشبه وضع المستثمر للبيض في سلة واحدة، وهذا يرفع المخاطرة كثيرا كما هو معلوم، واليوم تظهر هذه المخاطرة على سبيل المثال في موقع تويتر حيث تقليص عدد المشاهدات وما سبقها من القرارات وما أتوقع أن يأتي في المستقبل سيؤثر في وصول رسائل هذه الشركات والجهات، وسيحد من تأثير ما ينجو منها ويصل.
حتى لو تراجع مالك تويتر عن بعض قراراته، إلا أن الوضع العام لهذه الوسيلة وغيرها من الوسائل لا يمكن التعامل معه على أنه ثابت، إنه متغير، وقد يتطرف أحيانا في التغيير، فضلا عن المخاطرة الكبرى وهي دخول السياسة في الأمر كما حدث سابقا في عدة مناسبات وأحداث، أو قطع هذه الوسيلة عن دولة أو منطقة، بل حتى مقاطعة الناس لها وبحثهم عن بديل نتيجة تقلبات أنظمتها ومزاجية ملاكها.
إذن وكما يضع المستثمر الحصيف بيضه في سلال عدة، يفترض أن تفعل الجهات والشركات الشيء نفسه مع قنواتها التسويقية وقنوات الاتصال المؤسسي لها، وأن تراقب من كثب التغيرات التي تحدث حتى تستطيع إعادة التموضع فيما يتعلق بصورتها الذهنية، وإيصال الرسائل الخاصة بمنتجاتها وخدماتها، والأخبار الخاصة بتطوراتها المالية ومبادراتها في المسؤولية الاجتماعية، وممارساتها في تطبيق المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. لو أقفل هذه التطبيق أو ذاك اليوم، أو تم حجبه لأي سبب، ستجد بعض الجهات والشركات نفسها شبه معزولة عن جمهورها، لأنها اعتمدت كليا على هذه الوسيلة، وسيكون لعودتها إلى التنوع التسويقي والاتصالي ثمن أعلى بكثير مما لو كانت محتاطة ومتوازنة في هذا الشأن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي