كن منصتا لا متحدثا

يظل النقاش والحوار في بيئة العمل عادة يومية جوهرية من أجل الوصول إلى حلول ومقترحات وربما صناعة قرارات. وهذا يتطلب وجود أسس ومبادئ ثابتة، فالحوار أسلوب حضاري لتعلم القبول الاجتماعي للآخرين وأيضا قبول التنوع الثقافي والمعرفي لمن حولنا.
فالإنسان يهتم ببناء واكتساب مهارات عديدة ومتنوعة تثري حياته وهذا لا يتحقق إلا بعدة عوامل من أهمها فن الإنصات للآخرين. فكلما كان لدى الإنسان الاستعداد لتقبل وسماع الآخرين باحترام ولباقة دون تحيز أو تصيد، يعكس ذلك نضج الشخص بإيجابية وحيوية في تواصله مع الآخرين.
يأتي الإنصات كأعظم فنون الذكاء الإداري والاجتماعي وأهم المهارات القيادية التي تعطي الشخص قيمة حقيقة وسط مجتمعه الوظيفي. فالمنصت شخص مستعد لقبول أفكار الآخر ويعطي دلالات أن الطرف الآخر محل تقدير واحترام وترحاب بعيدا عن الاستعجال في أخذ الأشياء دون تأملها، بمعنى الاستعداد لاحتواء الكلام بغض النظر عن المحتوى، وهنا مربط الفرس في أسس الحوار.
في الحقيقة أن أول ميزة تلتصق بالقيادي عن غيره عندما تأتي عبارة "قائد منصت" والإنصات يختلف عن الاستماع، فالأول يعني حضور الذهن أثناء الحديث أما الاستماع فيعني أن الجسد والعيون حاضرة بلا تركيز. لذلك دائما ما يتم التركيز على مهارة الإنصات في دورات تأهيل القيادات كعنصر رئيس ومصدر قوة.
يعطي الصمت في حضرة الإنصات الحكمة والاتزان وهذا ما يجعل الإنسان محل ثقة بل ويصنع منه مكانة تضيف له الشيء الكثير. بالمختصر كلما كان المدير إسفنجيا في امتصاص الحوار أمام الموظفين ومنصتا بارعا ومهتما بما يقال أمامه ومتفاعلا، كلما كان أكثر نضجا وقبولا ومحبة من الآخرين حتى ولو كان يختلف معهم بما يقال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي