الرواق السعودي .. نقلة معمارية كبرى في توسعة المسجد الحرام
لقي المسجد الحرام العناية والرعاية الفائقة من الدولة السعودية على مدار تاريخها، تمثلت في مشاريع ضخمة وتوسعات كبرى قامت بها الدولة على مر السنين منذ عصر الدولة السعودية الأولى، وصولا إلى عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل وأبنائه من بعده، حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ففي عهده وخلال فترة وجيزة، حدثت تحولات ونقلات نوعية معمارية كبرى للمسجد الحرام، تمثلت في توسعات عملاقة، حيث تعد المباني التي تم إنشاؤها من أكبر المباني على مستوى العالم من حيث الحجم والمساحة والطاقة الاستيعابية والعناصر المعمارية المكتملة والخدمات المساندة، التي من ضمنها "الرواق السعودي" إضافة إلى الخدمات المتطورة المساندة والتقنيات الحديثة التي تم إدخالها في المسجد الحرام والتي سهلت على ضيوف الرحمن أداء مناسكهم.
ويعد الرواق السعودي أيقونة بناء لم تشهدها مدينة مكة المكرمة من قبل ولا المسجد الحرام، حيث اهتمت حكومات المملكة المتعاقبة بأن يكون بناء المسجد من أفضل التصاميم وأن تستخدم فيه أفضل المواد فأتى أعجوبة معمارية في العمارة والبناء وقد أنير الرواق بثريات خاصة وأعمدة ملبسة بالرخام وألوان زاهية في السقف.
وبدأ الملك عبدالعزيز تاريخ عهده في حكم السعودية، بإصلاحات كبرى تمثلت في تطوير مباني المسجد الحرام القائمة وإصلاحها، إضافة إلى إصلاح سقف المسعى وتطويره، ومع تزايد أعداد الحجاج عاما بعد عام، رأى الملك عبدالعزيز الحاجة إلى عمل "رواق سعودي" بحلة جديدة وتوسعة حديثة في المسجد الحرام، بحيث تكون خلف الرواق العباسي علما بأن الرواق السعودي جاء ليكمل عقد الرواق العباسي الذي بناه محمد المهدي بين عامي 778 و785م.
وأمر الملك عبدالعزيز في عام 1344 بإصلاحات وترميم في المسجد الحرام، والبدء للتخطيط للتوسعة ومعرفة الحاجة إلى المساحات التي سيتم استخدامها لـ"الرواق السعودي".
وبدأ العمل فعليا على الرواق السعودي في عهد الملك سعود في عام 1955، واستمر بناء الرواق في عهد الملك سعود والملك فيصل والملك خالد بين عامي 1955 و1976، كما استمر تطويره حتى وقتنا الحاضر.
ويعد الرواق السعودي بشكله الجديد استكمالا لعقد الرواق العباسي، ويتكون من أربعة أدوار: دور الصحن، والدور الأرضي، والدور الأول و"الميزانين"، ويمتد من الناحية الغربية حينما أمر الملك فهد بن عبدالعزيز بإضافة جديدة للرواق السعودي، حيث بلغ عدد الأعمدة في هذه التوسعة نحو 1500 عمود مكسو بالرخام الأبيض إضافة إلى عدد من القباب على سطح الأروقة، وأصبحت مساحة المسجد الحرام نحو 365 ألف متر مربع والطاقة الاستيعابية نحو مليون مصل، وتضمن الرواق السعودي بعد هذا الامتداد بابا جديدا وهو باب الملك فهد، وامتدت مساحة الرواق السعودي من الجهة الشمالية، بإضافة جديدة بدأت في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز واكتملت في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، حيث أصبحت مساحة المسجد الحرام نحو مليون متر مربع، بطاقة استيعابية نحو مليوني مصل، وتضمن عددا كبيرا من الأعمدة وبابا يحمل اسم باب الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وعلى مدار الأعوام السابقة أكمل ملوك السعودية بناء الرواق السعودي، الذي حول مساحة المسجد الحرام من نحو 12 ألف متر مربع إلى أكثر من مليون متر مربع، وارتفعت الطاقة الاستيعابية أضعافا مضاعفة مما كانت عليه في السابق.
ويمثل الرواق السعودي مفخرة من مفاخر المملكة على مر الأزمان ومن مآثر العمارة السعودية للمسجد الحرام، وأصبح يمثل هوية خاصة بالمسجد لا تزال باقية حتى اليوم لترسخ اهتمام قادة الدولة السعودية بعمارة الحرمين الشريفين.