المكاتب المفتوحة

مكان العمل أي الموقع أو النقطة التي يستقر فيها الموظف لثماني أو تسع ساعات - إن لم يكن مدمنا للعمل أو سيئا في إدارة الوقت - هي جزء من بيئة العمل إجمالا ومن ثقافة المنشأة، وهي ما اصطلح على تسميتها بالمكتب الذي أصبح في المخيلة العامة هو تلك الطاولة التي يمارس عليها العمل يدويا في الماضي، وعبر أجهزة الحاسب المكتبية والمحمولة في الحاضر، وبالطبع أنا أتحدث عن الوظائف المكتبية وليست الصناعية أو الطبية أو التقنية أو الهندسية أو تلك الميدانية وما في حكمها، حيث تختلف البيئة لأنهم يقومون - من وجهة نظري - بجهد أكثر وتأثير أفضل.
أخيرا أصبحت كثير من الشركات وربما الجهات الحكومية في معظم أنحاء العالم تعتمد على المكاتب المفتوحة، فقط لصغار الموظفين، ثم يغلق المكتب نسبيا كلما ارتفعت الدرجة الوظيفية، بحيث يكون لمدير القسم مكعب شبه مفتوح، ولمدير الإدارة مكتب شبه خاص، ثم لمدير المجموعة أو القطاع مكتب خاص، والاعتقاد أن ذلك لزيادة الإنتاجية، وخفض التكاليف، وهو في الحقيقة وبعد مرور عقود من الزمن أثبت أنه غير صحيح خاصة في البيئات التي لها سمات اجتماعية وثقافية مختلفة وتتسم بمستويات تعامل شخصية وعاطفية أعلى من غيرها في مجتمعات أخرى.
إذا كانت البيئة المفتوحة تزيد الإنتاجية فمن الأولى أن يكون قائد الفريق أول من يطبقها على نفسه، ولكن لأنه يعرف أنها في كثير من الحالات مشتتة للتركيز ومضيعة للوقت، فهو يغلق على نفسه بابا ليعمل وينتج أكثر ويتميز أكثر.
هذا ليس تعميما لكن واقع الحال يشير إلى أن بيئات العمل المفتوحة ذات التصميم غير المدروس يتعرض فيها الموظف إلى المقاطعة باستمرار من زملائه الذين يتذمرون من شيء، أو هم سعيدون بشيء ويودون مشاركته من حولهم، وهذا يجعله أقل تركيزا، وربما في بعض الحالات أقل إنتاجية.
بالطبع لا يمكن إيجاد مكتب مغلق لكل موظف، لكن يمكن تصميم البيئات المفتوحة كما يجب بحيث تحقق نوعا من الخصوصية النسبية التي تساعد على التركيز، بعبارة أوضح بجب عدم التقتير عند تصميم هذه البيئة، لأن بعض الشركات عدتها "شطارة" أن تدمج بين الحداثة والتوفير ولم تنظر إلى تأثير التوفير الذي بدأت كثير من الشركات التي سبقت بذلك في النظر إليه بجدية.
بيئات العمل المفتوحة تناسب أنشطة أكثر من غيرها وبعض الشركات تستنسخ هذه التصاميم دون النظر إلى تخصصها وطبيعة عمل منسوبيها، وهذا خطأ يكلف كثيرا على المدى الطويل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي