إدارة العيد

كل عام وأنتم ووطننا وولاة أمرنا بخير وعز وسؤدد، بفرح ورقي وتحضر، بسعادة دائمة وسلام وطمأنينة، وعيدكم مبارك وسعيد، وتقبل الله من الجميع صالح العمل.
مثله مثل أي شيء في حياتنا يحتاج موسم العيد إلى الإدارة، صحيح أن معظمنا لا ينجح في تحويل مخيلته إلى واقع رغم استعانته بالمستشارين داخل المنزل وخارجه، ورغم محاولته الاستفادة من تجارب الأعياد الماضية، إلا أن طبيعة المجتمع إذا اتفقنا على أنها طبيعته، ونمط الحياة الرمضاني يجعلان هذا الموسم أو اليوم تحديدا مفارقة معيشية جميلة في كثير من تفاصيلها، لكن بعضها الآخر مرهق.
عام بعد عام يقرر الإنسان أن ينتهي من كل شيء قبل العشر الأواخر من رمضان، إما ليتفرغ للعبادة أكثر، وإما ليستمتع بالوقت في قريته أو مدينته الأم مع بقية الأسرة، وهذا القرار لا ينجح فيه إلا القلة، وحتى الناجحون تخرج لهم "شغلات" وتفاصيل تخصهم أو تخص من يعولون.
موضوع إدارة السهر وتنظيم النوم قصة يعرفها الجميع، وما زلنا نغبط كبار السن ممن اعتادوا على النوم المبكر في كل أوقات العام على تمتعهم بيوم العيد كاملا، في الصباح معنا، وبعد أن نذهب إلى إغماءات بقية النهار يشاركون جيرانهم وأصدقاءهم بقية.
القضايا والتفاصيل التي ينجح أو يفشل الناس في إدارتها خلال العيد كثيرة، لكن يبقى موضوع واحد لا أحد يملك فيه قرارا "إداريا"، لأنه أحد أنواع الإدارة التي يفشل فيها الجميع، إنها إدارة الشوق، لأن الشوق ليس كتجهيز شيء أو شرائه، أو حتى تخطيط رحلة هروب قصيرة، إنه خليط بين أفكار وتعليمات العقل، ورغبات القلب، ولواعج الروح.
في العيد نشتاق إلى من رحلوا عن دنيانا رحمهم الله جميعا، خاصة لمن فقد أحد أو كلا والديه، أو أحد فلذات كبده، أو شقيقا أو شقيقة، أو صديقا وفيا حميما، نتمنى أنهم معنا، ونسأل الله لهم أن يكونوا في حال أحسن من حال الدنيا، وأهل خير من أهل الدنيا.
في العيد نشتاق إلى من ارتحلوا عن محيطنا، أو ارتحلنا عن محيطهم، اختيارا أو إجبارا، ذكاء أو غباء، ويصيبنا الحنين وتنتابنا الأسئلة وعلامات الاستفهام المؤلمة أو الساخرة وربما الساحرة.
لقد قالها سيد الخلق عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك"، أو كما قال بأبي هو وأمي، والشوق مما لا نملك وبالتالي لا نستطيع التحكم فيه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي