نشر الغسيل العائلي

متى آخر مرة تحدثت مع أحد لم يصرف نظره عنك إلى هاتفه، بل أنت عزيزي القارئ هل طقت صبرا دون استراق النظر إلى شاشة هاتفك؟
ضبط علاقة التقنية ومنتجاتها الملموسة كالهاتف أو غير الملموسة كالتطبيقات ما زالت تحتاج إلى مزيد من التشريعات، على سبيل المثال، شخصيا لم أطلع على تشريع محدد يسمح للوالدين بضبط علاقة طفلهما بالإنترنت، وعلى العكس من ذلك لا توجد قيود تحدد للأطفال ما يمكن استخدامه أو نشره في محيطهم الأسري، فمنهم من لا يسمح بالإلكترونيات مطلقا، وعلى النقيض منهم من يسمح أن يكون الفضاء الرقمي مفتوحا بلا قيد أو شرط، وبين هذا وذاك يخضع -في الأغلب- الحكم للاجتهاد والأعراف والعادات والتقاليد.
لسنا بصدد الحكم أن هذا صواب وذاك خطأ، لكن المقصود أهمية إيجاد مصدر موثوق يمكن الاستناد إليه أو الوثوق به، لإبداء الحقائق بالدراسات وآراء الخبراء في هذا المجال، الذي صار مستباحا هذه الأيام، فدور المنظمات الدولية المختصة بالتربية والتعليم ما زال يحتاج إلى المزيد، ثمة اجتهادات من بعض المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني لكنها تحت النضج.
في بعض الأحيان يكون الطفل محتوى لوالديه ونشر صور الأطفال على الإنترنت وقصصهم هو أشبه ما يكون بإحراج الوالدين للطفل برواية قصص غريبة، ومواقف خاصة تنشر ليس للأقرباء والمحيط الأسري، بل للعامة وهنا مكمن الخطر، بعض منصات التواصل بلغت عشرة أعوام وهي كافية لأن يشاهد المراهق مواقفه المضحكة ومشاهده الداعية إلى السخرية، وقد بدأت تظهر بعض الحالات حيث يبدأ الأطفال بالتذمر عند وصولهم إلى سن المراهقة، وفي بعض الدول الأوروبية يحق للأطفال حين يكبروا أن يقاضوا آباءهم عن أي صور تمت مشاركتها لهم في صغرهم، وثمة عديد من التقارير تشير إلى سرقة هويات الأطفال، لذا يتحايل بعض الآباء بتعمية الصور.
إن سرعة سن التشريعات المنظمة للنشر العائلي وحدود المشاركة أمر حتمي من أجل تحديد الإطار العام للعلاقة بين التقنية والبشر خصوصا الأطفال، ويتضمن التشريع تفصيلا دقيقا لكل الجزئيات وتقنين تلك العلاقة بشكل واضح لإمكانية مشاركة الصور أو مقاطع الفيديو ومع من وأين، وأسس إغلاق الحسابات أو تحويلها إلى حسابات خاصة، والتعاون مع شركات الإنترنت لوضع سياسات الخصوصية بدقة واستثمار الخوارزميات، لتجنب التلاعب في إدخال المعلومات وتضبط مسائل نشر الغسيل العائلي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي