النصر في حرب السرطان بالصحراء الكبرى «2 من 2»

يؤكد تقرير حديث صادر عن لجنة لانسيت لطب الأورام حول السرطان في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا - شاركت شخصيا في إعداده - احتياج الحكومات الإفريقية إلى الاستثمار في جمع البيانات المحلية والبحوث لدعم وتطوير برامج رصد وعلاج السرطان التي تتسم بالكفاءة في استخدام الموارد والمصممة خصيصا لتلبية الاحتياجات الخاصة بدولها ومتطلبات التمويل. نوصي أيضا بأن تبدأ الحكومات في التفكير في طرق مبتكرة لتوسيع نطاق تغطية الرعاية الصحية الشاملة لتشمل خدمات السرطان مثل التشخيص المبكر، والعلاجات الموجهة، والرعاية الداعمة.
تمضي كينيا ونيجيريا ودول إفريقية أخرى قدما بالفعل في تنفيذ مبادرات لتوسيع نطاق القدرة على الوصول. من خلال حشد الدعم الدولي وإشراك أصحاب المصلحة المحليين، يصبح بوسع هذه الدول الاستثمار في استراتيجيات الوقاية والاكتشاف المبكر، بما في ذلك وحدات الفحص المتنقلة، وبرامج التوعية المجتمعية، ومجموعات الفحص الذاتي، والتشخيص في المختبر، والرعاية الصحية عن بعد، وبالتالي تحسين سبل الوقاية والاكتشاف المبكر.
لكن التشخيص لا يكفي. يشكل "استعداد النظام" ضرورة أساسية، ويجب أن تتوسع البنية الأساسية وقوة العمل الماهرة لتوفير العلاج لحالات السرطان المكتشفة بالترادف مع أي تشخيص مبكر.
علاوة على ذلك، لضمان المساواة في القدرة على الوصول إلى الخدمات الصحية، ينبغي للدول الإفريقية أن تعمل على تدريب أطباء الرعاية الأولية على تحديد العلامات المبكرة للسرطان وتسهيل الإحالات في الوقت المناسب. يذهب المريض في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا إلى أربعة أو ستة من مقدمي الرعاية الصحية في المتوسط قبل أن يتم تشخيص السرطان.
ينبغي للحكومات أن تعمل أيضا على دمج الموارد المخصصة لمرض فيروس كورونا كوفيد- 19، وفيروس نقص المناعة البشرية - الإيدز، وغير ذلك من الأمراض المعدية، في استراتيجيات شاملة على سبيل المثال، توفير فحص سرطان عنق الرحم لمرضى نقص المناعة البشرية. ورغم أن العيادات المتكاملة القادرة على علاج الأمراض المعدية وغير المعدية ستكون مثالية، فيتعين على صناع السياسات أن يتبنوا نهجا عمليا ويضعوا في الحسبان نقص موظفي الرعاية الصحية، خاصة في المناطق المكتظة بالسكان، ويعملوا على تطوير النماذج والابتكارات القادرة على المساعدة على اجتياز بعض هذه الحواجز.
أظهرت دول مثل الهند وباكستان والأردن أن الاستثمار في بناء القدرات المحلية يجعل تطوير مرافق السرطان عالمية المستوى في حكم الممكن، رغم الموارد المحدودة. كما يدرك صناع السياسات الإفريقية على نحو متزايد الحاجة إلى اكتساب القدرة المحلية على اكتشاف وعلاج السرطان، كما يتضح من زيادة عدد الدول التي تدير برامج وطنية لمكافحة السرطان والتوسع في إقامة مراكز التدريب على علاج الأورام والبنية الأساسية للرعاية. تقدم رواندا، التي قد تصبح واحدة من أوائل دول العالم في القضاء على سرطان عنق الرحم بفضل نشر برنامج التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري على نطاق واسع، نموذجا مفيدا لتحسين النتائج الصحية في البيئات منخفضة الموارد.
نظرا إلى هذا الاتجاه على مستوى القارة، نجد أنفسنا أمام فرصة فريدة سانحة لتعزيز التعاون الإقليمي وتطوير مراكز التميز لتبادل المعرفة، والبحث، والعلاجات المنسقة القائمة على الأدلة. لكن لتحقيق وعد التطورات الحديثة في التشخيص والرعاية، من اللقاحات والعلاج المناعي إلى الطب الدقيق واختبارات الكشف المبكر عن سرطانات متعددة، يجب أن نتأكد أولا من إتاحة أساسيات رعاية مرضى السرطان بسهولة، وتوزيع العلاجات المنقذة للحياة بشكل عادل. في إعادة صياغة مقولة بونو، الناشط والمؤسس المشارك لفرقة U2، أقول، "المكان الذي تعيش فيه لا يجب أن يحدد ما إذا كان يحق لك أن تعيش".
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي