نقاش «توصيل الطعام»

حظي مقال "تحذير لتطبيقات الطعام" بتفاعل كبير ونقاش أكبر حول الفرق في أسعار الأكل بين تطبيقات التوصيل وبين المطاعم، حيث رصد الناس وأنا منهم زيادات غير معقولة تصل إلى ربع القيمة الأصلية.
النقاش جيد ويفضي إلى معلومات أخرى تغيب عن الكاتب، أو تغيب عن بعض القراء، فمثلا عرفنا الآن أن التطبيقات تفرض على المطاعم هذه النسبة إجبارا مقابل تسجيلها في خدماتها، فتقوم المطاعم بمحاولة التعويض بوضع أسعار مختلفة في هذه التطبيقات.
حظيت وحظي متابعو النقاش بفوائد ودروس مهمة مثل الأمر الذي نبه له أحد المتابعين الكرام حول ضريبة القيمة المضافة، فأنت إن اشتريت بنفسك طعاما قيمته الأصلية 100 ريال مثلا، تدفع عليه 15 ريالا ضريبة، لكن إن طلبته بالتطبيق سيكون سعره 125 (100 سعره الأصلي و25 ريالا السعر التعويضي الذي أشرنا إليه)، ثم تدفع ضريبة قيمة مضافة على كامل المبلغ أي نحو 19 ريالا، فيصبح إجمالي ما دفعته نحو 144 ريالا ثم يضاف إليها قيمة التوصيل.
قضية أخرى برزت بقوة في النقاش هي توجه بعض المعلقين فورا إلى طلب الحماية من الحكومة، أي طلب تدخل وزارة التجارة أو غيرها لتفرض على التطبيقات والمطاعم، إما عدم الزيادة وإما نشر الفروقات لاطلاع المستهلكين عليها، وهنا يجب التأكيد على أن هذه الحماية ليست مطلوبة من الحكومة، لماذا؟
أولا لأن السوق مفتوحة وهناك درجة حرية واضحة في تسعير ما هو غير أساسي لحياة الناس، وثانيا لأننا نتحدث عن موضوع رفاهية، رفاهية إيصال الطعام لك وأنت على أريكتك، فضلا عن الرفاهية الأساسية التي تحتاج إلى نقاش آخر وهي رفاهية عدم إعداد الطعام في المنزل وشرائه جاهزا، وللرفاهية ثمن.
هناك فئة لا تزال تتكئ على الحكومة في أشياء ليست من اختصاص الحكومة، ربما من باب اعتياد "الرعوية"، وللإنصاف هناك في المقابل تجار وأصحاب تطبيقات يستخدمون كلاما كبيرا بنبرة التهديد عند النقاش مثل، "مخالفة القرارات الاقتصادية السيادية بحرية التسعير"، وهي جملة لا مكان لها هنا، لأننا نناقش تسعير وجبات طعام غير أساسي وتوصيلها وهي أمور لا علاقة لها بالقرارات الاقتصادية السيادية.
القضية أخلاقية لجهة الإفصاح عن التسعير، لكن النقاش فتح ملفات كثيرة وملاحظات مهمة حول سائقي التوصيل، وهل جميعهم نظاميون، ولماذا لا يوجد سعوديون كما وعدت هذه التطبيقات، وهل هناك تستر من أجانب على أجانب بحيث يمنح الأجنبي المسجل في التطبيق اسم المستخدم الخاص به لعمالة تعمل تحته حتى تعمل السيارة المستخدمة على مدار الساعة؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي