تشكيل التوقعات حول معدلات التضخم «2 من 3»

ليست كل تغيرات الأسعار على قدر الأهمية نفسه. فإذا كانت تحدث في فئات تهم المستهلكين، أو يستخدمونها على نحو أكثر انتظاما، مثل الحليب والبيض، فإننا نرى زيادات مباشرة في توقعات التضخم الكلي، في أوقات التضخم المنخفض والمرتفع. وعادة ما يكون اهتمام الأسر بارتفاع الأسعار أكبر مقارنة بانخفاضها. وتوضح هذه العوامل سبب تحديث الأسر لتوقعاتها الخاصة بالتضخم في صيف 2021، عندما واصلت معظم البنوك المركزية التبشير بالضغوط التضخمية المؤقتة، حيث ارتفعت أسعار الفئات التي اهتم بها المستهلكون أكثر من غيرها. والأهم من ذلك هو أن هذه النتائج تعني أنه حتى لو نجحت البنوك المركزية في كبح جماح التضخم على المدى القريب، فإن توقعات الأسر للتضخم ستستغرق بعض الوقت حتى تتراجع.
وبشأن توخي البساطة فهناك عامل آخر يسهم في توقعات الأسر للتضخم، وهو: الرسائل، حيث تزداد صعوبة تفسير السياسات الأكثر تعقيدا، وبالتالي تقل احتمالات تأثيرها في التوقعات. وفي دراسة حديثة في هذا الجانب، نقارن تأثير الزيادات المستقبلية المعلنة مسبقا في ضريبة الاستهلاك بتأثير الإرشادات الاستشرافية -بيان يشير إلى المسار المستقبلي المحتمل للسياسة النقدية-، ومن منظور النموذج الكينزي الجديد، ينبغي أن يكون للسياستين التأثير نفسه في توقعات التضخم. لكنهما تختلفان اختلافا جوهريا في درجة تعقيدهما والفهم الاقتصادي المطلوب للتعامل معهما.
والبيانات تؤكد ذلك. فباستخدام النسخة الألمانية من مسح المستهلكين الذي تجريه المفوضية الأوروبية، نخلص إلى أن الألمان لم يغيروا توقعاتهم للتضخم وخطط الإنفاق الخاصة بهم إلا بعد إعلان المستشارة آنذاك، أنجيلا ميركل، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 أن ضرائب الاستهلاك سترتفع بمقدار ثلاث نقاط مئوية في كانون الثاني (يناير) 2007. وعلى العكس من ذلك، نجد أن إعلان ماريو دراجي رئيس البنك المركزي الأوروبي آنذاك، في صيف 2013 أن أسعار الفائدة ستبقى عند المستويات الحالية أو ستنخفض "وهي المرة الأولى التي استخدم فيها البنك المركزي الأوروبي صراحة الإرشادات الاستشرافية كأداة للسياسات" لم يكن له أي تأثير يذكر في توقعات الأسر للتضخم أو أنماط الإنفاق في ألمانيا.
وفي ضوء هذه النتائج، أجرينا سلسلة من المسوح حول كيفية تواصل البنوك المركزية بشكل أكثر فاعلية. فعلى سبيل المثال، سألنا آلاف الأفراد في فنلندا أسئلة حول توقعاتهم لتغير الدخل والخصائص الاجتماعية - الديموغرافية، ثم قسمنا العينة إلى ثلاث مجموعات: مجموعة مقارنة لم تتلق أي معلومات إضافية والمجموعتان موضوع الدراسة. وقد قدمنا لهذه المجموعات معلومات حقيقية عن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي الأوروبي على مستوى السياسات في ربيع 2020، باستخدام تغريدات حساب تويتر الرسمي التابع لأولي رين، محافظ البنك المركزي الفنلندي. لكن المحتوى اختلف بين هذه المجموعات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي