إفريقيا والاتجاه نحو الرقمنة « 4»
تهدف منصة نمو إفريقيا التي أطلقها المنتدى الاقتصادي العالمي، إلى مساعدة الشركات على النمو والتنافس على المستوى الدولي، والاستفادة من نشاط ريادة الأعمال في إفريقيا ـ فحققت في مرحلتها الأولى مستويات أعلى بـ13 في المائة مقارنة بالمتوسط العالمي. ومن شأن هذه المبادرات الجارية أن تصبح بمنزلة نقطة تحول، وأن تبث الحياة في بعد التحول إلى الرقمنة من أعلى إلى أسفل.
فحتى الوقت الراهن، ظل معظم التغيير لا ينتقل إلا من أسفل إلى أعلى ونشأ في أنحاء القارة ما يزيد على 600 مركز للتكنولوجيا ـ وهي أماكن مصممة لمساعدة الشركات المبتدئة وأصبحت ثلاثة منها من المعترف بها دوليا وهي المراكز في لاجوس في نيجيريا، ونيروبي في كينيا، وكيب تاون في جنوب إفريقيا. وتستضيف هذه المراكز التكنولوجية مئات الشركات المبتدئة، والحاضنات ومجمعات التكنولوجيا، ومراكز الابتكار بقيادة القطاع الخاص والشباب الذين يدركون، رغم المحنة، مدى ارتباط العمل الحر بالابتكار.
التغيير من أعلى إلى أسفل ليس واعدا بالقدر نفسه. فقد أصدر المنتدى الاقتصادي العالمي تقريرا في 2018، جاء فيه أن هناك 22 من 25 بلدا خضعت للتحليل ليس لديها سياسات عامة تركز على النظام البيئي للابتكار.
والاستثمار في الرقمنة على نطاق واسع من منظور جغرافي وقطاعي، مسألة حيوية ليس لمعالجة المشكلات الاجتماعية الاقتصادية فحسب، وإنما كذلك لمواجهة تحديات الأمن والسلام. وهو يؤدي أيضا إلى زيادة النمو الاقتصادي. وتوصلت دراسة أجراها الاتحاد الدولي للاتصالات إلى أن زيادة 10 في المائة في وصول الخدمة عريضة النطاق للأجهزة المحمولة، ستحقق ارتفاعا قدره 2.5 في المائة في إجمالي الناتج المحلي للفرد في إفريقيا.
ولكن لا يمكن التوصل إلى الحلول الرقمية من فراغ. ويجب على صناع السياسات جعل تطبيق التكنولوجيا الرقمية أحد عناصر النظام البيئي للابتكار، ودون أي مضيعة للوقت. فالأطر التنظيمية المحددة بدقة، والاستثمار في البنية التحتية والمهارات الرقمية والشمول المالي، يجب أن تكون من الأولويات.
وتوضح معظم البحوث أن التكنولوجيا الرقمية ضرورية لمواجهة التحديات الاجتماعية ـ الاقتصادية. وتصفها في أغلب الأحيان بأنها العنصر الوحيد الذي تحتاج إليه إفريقيا لكي تتخطى العقبات وتصل إلى التنمية الاقتصادية المستدامة والاحتوائية. ومن المنظور الاقتصادي، فإن تحسن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يضفي صبغة ديمقراطية على المعلومات ذات الأهمية للإنتاج ووكلاء السوق، ما يساعد على زيادة كفاءة سلاسل القيمة وتوفير منتجات وتقديم خدمات في المتناول وسيعود ذلك بالفائدة على أضعف فئات السكان.
ومع هذا، فاعتماد التكنولوجيا الرقمية بشكل كبير يعني كذلك أن صناع السياسات يجب أن يدركوا التأثير القانوني والأخلاقي المعقد للتكنولوجيا على المجتمع ومعالجته بما فيه مسائل الخصوصية والبيانات والتهرب الضريبي. وينطبق ذلك بصفة خاصة على إفريقيا حيث المؤسسات الضعيفة قد لا يكون لديها من القوة ما يكفي للحفاظ على حقوق سكانها ومصالحهم في مواجهة الأسواق.