default Author

إفريقيا والاتجاه نحو الرقمنة «3 من 3»

|
في إفريقيا، ليس الاتصال بشبكة الإنترنت هو وحده ما يعوزها، فهناك أساسيات أخرى غير متوافرة، منها: الكهرباء، ومعرفة القراءة والكتابة، والشمول المالي، والقواعد التنظيمية، والنتيجة هي عدم قدرة السكان على استخدام الحلول التكنولوجية المتاحة. وعلاوة على ذلك، لا يزال جزء كبير من سكان إفريقيا يجابه مشكلات تهدد حياته مثل الصراعات، وانعدام الأمن الغذائي، ما يجعل الصراع اليومي للبقاء على قيد الحياة هو شغلهم الشاغل.
فملايين الأفارقة ليسوا على الجانب الخطأ من الفجوة الرقمية وحسب، بل هم على الجانب الخطأ من كثير من الفجوات، إذ يفتقرون إلى أساسيات الحياة الصحية والعامة، كالكهرباء والمياه النقية والتعليم والرعاية الصحية. وأفضت جائحة كوفيد - 19 إلى تفاقم مصاعبهم، لأن حالات الإغلاق العام والتباعد الاجتماعي قصرت وسيلة تقديم كثير من الخدمات العامة على شبكة الإنترنت. والحقيقة المروعة هي أن مئات الملايين من أولئك السكان تركوا خلف الركب، وما لم يدرك صناع السياسات الأفارقة أن الحصول على الوسائل التكنولوجية الرقمية أداة حيوية للغاية في تحقيق الاحتواء الاجتماعي ـ الاقتصادي، سيقتصر التقدم على أولئك القادرين على الحصول على خدمات الكهرباء والاتصالات، ما يزيد من عزل الأغلبية العظمى التي لا تصل إليها هذه الخدمات. وستزداد الفجوة اتساعا.
لقد أفضت الاضطرابات العميقة التي أثارتها الجائحة، إلى إتاحة فرص لإعادة تشكيل المجتمع الهش. فهذه هي الأوقات التي تضع رؤية صناع السياسات وقيادتهم على المحك. وكما أشارت دراسة McKinsey & Company (2020) "تحمل أزمة كوفيد - 19 في طياتها بذور عملية كبيرة لإعادة تصور الهيكل الاقتصادي لإفريقيا، ونظم تقديم الخدمات والعقد الاجتماعي فيها. فالأزمة الحالية تعجل وتيرة اتجاهات، مثل: الرقمنة، وتوحيد السوق، والتعاون الإقليمي، وتتيح فرصا جديدة مهمة، مثل: تشجيع الصناعة المحلية، وإضفاء الصبغة الرسمية على منشآت الأعمال الصغيرة، وتطوير البنية التحتية للمناطق الحضرية".
لقد حانت اللحظة المناسبة. فعند إعادة بناء إفريقيا بعد الاضطرابات التي سببتها جائحة كوفيد - 19 يجب ألا تعود القارة إلى واقع ما قبل الجائحة، ويجب أن تبني واقعا أفضل يدرك الحاجة إلى الابتكار، ولا سيما التكنولوجيا الرقمية. وهذا مطلب رئيس للتغلب على التحديات الجسيمة أمام التنمية، كالفقر والصحة والإنتاجية والقدرة التنافسية وتنويع النشاط الاقتصادي والأمن الغذائي وتغير المناخ والحوكمة.
شهدت إفريقيا تغيرا على مدى الأعوام الخمسة الأخيرة، ما يشير إلى احتمال تقبل القارة للبناء على أسس أفضل وليس مجرد إعادة البناء. وحددت دراسة Liu (2019) ثلاث مبادرات إفريقية رئيسة كعلامة على هذه القابلية للتغيير.
* منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، وتهدف إلى تأسيس سوق موحدة تحقق معا إجمالي ناتج محلي يزيد على 3.4 تريليون دولار، وتضم أكثر من مليار نسمة.
* مركز الثورة الصناعية الرابعة الجديد التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي وتستضيفه حكومة جنوب إفريقيا، لإجراء الحوار والتعاون بشأن تحديات التكنولوجيا المتقدمة والفرص التي تتيحها.
إنشرها