إفريقيا والاتجاه نحو الرقمنة «1من 3»
عندما يحين وقت إعادة البناء بعد كوفيد - 19، يجب أن يتجه صناع السياسات إلى الاستثمار في التكنولوجيا الابتكارية لتخطي العقبات أمام التنمية الاحتوائية، وقد نعمت إفريقيا بنمو اقتصادي قوي في معظم فترات القرن الـ21، ويعزى ذلك أساسا إلى الطلب العالمي القوي على السلع الأولية، لكن أقصوصة "نهضة إفريقيا" التي صاحبت هذا النمو هي في معظمها قصة ارتفاع إجمالي الناتج المحلي الذي ليس له سوى بعد واحد لا أكثر. وفي واقع الأمر، فالنمو الاقتصادي في إفريقيا لم يولد كثيرا من فرص العمل الجيدة ـ ما أخر مرة أخرى، جني منافع العائد الديموغرافي من ارتفاع أعداد السكان في سن العمل. ونتيجة لتراجع أعداد السكان المسنين والشباب الذين يحتاجون إلى دعم مقارنة بالسكان في سن العمل، من المفترض أن تسهم هذه المنافع في تحرير الموارد التي يمكن تكريسها لتحقيق التنمية الاحتوائية.
وبدلا من ذلك، لا يزال صنع السياسات الإفريقية يقوم على قناعة استمرت نحو نصف قرن بأن تحقيق "التنمية" يقتصر على التعامل مع الفقر ـ أو بعبارة أخرى، إن مهمة التنمية تعني الحد من الفقر والتحول من جدول أعمال التصنيع في مطلع حقبة ما بعد الاستقلال إلى جدول أعمال الحد من الفقر هو أحد الأسباب الرئيسة وراء الاعتلال الاقتصادي الذي تعانيه القارة. وكما ذكرت "قمة الابتكار الإفريقية" أخيرا، لقد تغير جدول أعمال التنمية من التحول الاجتماعي ـ الاقتصادي إلى القاسم المشترك الأقل شيوعا، وهو التعامل مع الفقر.
فمن أجل توليد النمو الاقتصادي الذي يؤدي إلى التنمية المستدامة، يجب أن تحول إفريقيا تركيزها نحو تكوين الثروة والاحتفاظ بها، وتحسين إدارتها لمواردها، وتعزيز الاحتواء لجميع فئات المجتمع، والارتقاء في سلاسل القيمة العالمية وتنويع اقتصاداتها، والوصول إلى المزيج الأمثل من الطاقة ووضع رأس المال البشري في بؤرة اهتمام صنع القرار. ولكي يتحقق ذلك، يجب على السياسات الإفريقية أن تعزز الاستثمار في البحوث والتطوير والابتكار، وأن تعيد تشغيل الهياكل الاقتصادية للقارة وأن تلحق بركب بقية العالم على صعيد التطور التكنولوجي.
فالابتكار، وتكنولوجيا المعلومات الرقمية المصاحبة له، أصبح عنصرا ضروريا في أي جهود لمواجهة تحديات مثل الأمن الغذائي والتعليم والصحة والطاقة والقدرة التنافسية. فالعالم يسير مدفوعا بالتكنولوجيا، وما لم يجن صناع السياسات الأفارقة الثمار المحتملة من البحوث والتطوير والابتكار، ستظل الفجوة العالمية آخذة في الاتساع والمشكلة هي أنه يجري الحديث عن الابتكار والتحاور بشأنه، لكن دون وضع استراتيجية له... يتبع.