تقلبات متوقعة لسوق النفط .. المعروض مرشح لتجاوز الطلب حتى مايو

تقلبات متوقعة لسوق النفط .. المعروض مرشح لتجاوز الطلب حتى مايو

تراقب السوق النفطية التأثير الفوري لقرار فرض سقف سعري من جانب مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي على المنتجات النفطية الروسية الذي بدأ أمس الأول، بينما يستمر نهج "أوبك +" الحذر في رفع مستويات الإنتاج.
ويواصل تحالف "أوبك +" التمهل في تغيير موقفه بشأن حصص إنتاج النفط الخام حيث تنتظر المجموعة إشارات أوضح على ارتفاع الطلب قبل الالتزام برفع إنتاج النفط الخام، حيث إن استمرار القيود على المعروض النفطي من شأنه أن يبقي السوق مشددة، بينما تصب التوقعات في ارتفاع الطلب على النفط في النصف الثاني من عام 2023.
وأكد لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون أن التجار غير متأكدين تماما من كيفية عمل لائحة أقصى سعر وتأثيرها في مختلف الدرجات من المنتجات النفطية، لافتين إلى اتفاق مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا على حدود قصوى تبلغ مائة دولار للبرميل على واردات المنتجات الروسية التي يتم تداولها عادة بعلاوة على النفط الخام مثل الديزل والكيروسين والبنزين و45 دولارا للبرميل على منتجات مثل زيت الوقود التي يتم تداولها عموما بسعر مخفض على النفط الخام.
وأوضح المحللون أن العقوبات الجديدة على استيراد منتجات النفط الروسية المنقولة بحرا جاءت بعد فرض عقوبات مماثلة على الخام الروسي في ديسمبر الماضي في إطار الرد العالمي المستمر على الحرب في أوكرانيا، مشيرين إلى أن السوق على الأرجح ستكون متقلبة هذا الأسبوع وسط حالة من عدم اليقين.
وذكروا أن أغلب التوقعات تشير إلى تقلص وتيرة رفع أسعار الفائدة تدريجيا، ما قد يثقل كاهل الدولار وبالتالي يكون داعما لأسعار النفط الخام، مشيرين إلى اتساع حالة عدم اليقين في السوق.
وأوضح المحللون أن الأسواق قلقة بالفعل بشأن احتمال حدوث ركود، ما سيؤدي بالتأكيد إلى ضعف أسعار النفط الخام، ومع ذلك فإن احتمالية حدوث ركود كبير قد تؤدي إلى زيادة مخزونات المواد الخام ما يدفع إلى اتجاه صعودي للأسعار في النصف الثاني من العام الجاري.
وقال روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، "إن التقلبات تستمر في الهيمنة والتأثير في حركة الأسعار في السوق النفطية"، لافتا إلى توقعات صادرة عن وكالة "بلاتس" تشير إلى ترجيح أن يتجاوز المعروض النفطي العالمي الطلب حتى مايو المقبل ما يؤدي إلى تراكم المخزونات وبالتالي يمكن أن يحد من الاتجاه الصعودي لأسعار النفط الخام.
وذكر أن لجنة "أوبك +" الوزارية في اجتماعها مطلع فبراير قررت الحفاظ على أهداف الإنتاج والحصص دون تغيير، في خطوة متوقعة على نطاق واسع بالنظر إلى أوجه عدم اليقين في كل من العرض والطلب، مبينا أنه بحسب بيانات لوكالة "بلومبيرج" فإن إنتاج "أوبك" من النفط الخام انخفض في يناير بنحو 60 ألف برميل يوميا.
من جانبه، قال ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، "إن أجواء التفاؤل والثقة تعود إلى السوق النفطية خاصة بعد تأكيدات هيثم الغيص الأمين العام لمنظمة أوبك أن بوادر تفاؤل حذر بشأن تعافي الاقتصادات والطلب على النفط ظهرت بقوة في السوق، وتأكيده أن أوبك عازمة على القيام بكل ما يلزم للحفاظ على توازن سوق النفط في عام 2023".
وأشار إلى تأكيد شركة بريتيش بتروليوم أن "أوبك" ستصبح أكثر هيمنة مع مرور الأعوام مع زيادة حصة الدول الأعضاء في الإنتاج العالمي إلى 45 - 65 في المائة بحلول عام 2050 بدلا من 30 في المائة حاليا، مبينا أن إنتاج روسيا النفطي قد ينخفض من 12 مليون برميل يوميا في 2019 إلى 7 - 9 ملايين برميل يوميا في 2035.
من ناحيته، قال ماثيو جونسون المحلل في شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، "إن روسيا تكافح لإعادة توجيه صادرات خام الأورال الروسي بالكامل من أوروبا إلى أسواق أخرى مثل الصين والهند، كما أنها تواجه صعوبة في العثور على ما يكفي من السفن المناسبة"، لافتا إلى تفاقم المشكلات التصديرية بسبب الطلب المعتدل في آسيا، خاصة في الصين.
وأشار إلى تقارير دولية تتوقع تراجع أرباح صادرات النفط والغاز الروسيين بأكثر من 50 في المائة، بسبب فرض حظر الاتحاد الأوروبي على النفط والمنتجات البترولية وفرض قيود على الأسعار، مبينا أن النفط والغاز يمثلان 60 و40 في المائة على التوالي من عائدات الميزانية في روسيا، لافتا إلى انخفاض عائدات روسيا إلى أقل من المستوى الحرج البالغ 40 مليار دولار لكل ربع.
بدورها، قالت ليزا اكسوي المحللة الصينية المختصة في شؤون الطاقة، "إن ارتفاع أسعار النفط عزز المراكز المالية للشركات، حيث ركزت شركات التنقيب والإنتاج تحديدا على تقوية ميزانياتها العمومية وإعادة رأس المال إلى المساهمين"، مبينة أنه بفضل انتعاش أسعار النفط تمت مكافأتها بارتفاع 108 في المائة في مؤشر الطاقة في العامين الماضيين.
وأوضحت أن شركات خدمات حقول النفط تنتهج أيضا استراتيجية الانضباط الرأسمالي نفسها، حيث تميل الصناعة بشكل عام إلى مزيد من الاستقرار وتحقيق أداء أفضل للمستثمرين، لافتة إلى تأكيد شركة وود ماكينزي الاستشارية الدولية أن الانضباط الرأسمالي وإعادة الأموال النقدية للمساهمين كانا من المحاور الرئيسة في تقارير الأرباح الأخيرة لشركات خدمات حقول النفط.
وفيما يخص الأسعار، انخفض النفط بعد ارتفاعه أكثر من دولار للبرميل أمس بفعل صعود الدولار ووسط مخاوف من أن يؤدي تباطؤ النمو في الاقتصادات الكبرى إلى تراجع الطلب، ما محا أثر المخاوف بشأن الإمدادات.
وبحسب "رويترز"، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت تسليم نيسان (أبريل) 55 سنتا أو0.07 في المائة إلى 79.39 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس.
وخسرت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 79 سنتا بما يعادل 1.1 في المائة لتسجل 72.60 دولار للبرميل.
وأثارت بيانات الوظائف الأمريكية القوية الجمعة مخاوف من استمرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأمريكي" في رفع أسعار الفائدة لمرة واحدة أخرى على الأقل، ما قد يضر بالنمو الاقتصادي ويؤدي إلى تراجع الطلب على الوقود.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 79.36 دولار للبرميل الجمعة مقابل 80.43 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني انخفاض له على التوالي، وأن السلة خسرت نحو خمسة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 84.47 دولار للبرميل.

الأكثر قراءة