Author

نظرة على قطاع التأمين اقتصاديا

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

بعيدا عن تبريرات شركات التأمين وما ورد من إحصائيات من جهات أخرى عن معدلات الحوادث تتعارض جميعها في المقدمات والنتائج بما في ذلك التفسيرات الإحصائية، ولست بصدد إلقاء اللوم على طرف دون آخر، لكن لا يزال التأمين يقوم على أسس وقواعد مرجعية من خلال توزيع المخاطر بين أفراد المجتمع في التصنيف نفسه أو الوضع المماثل، مقابل أن يدفع الفرد أقساطا صغيرة غير مكلفة للحصول على تعويض عند وقوع حوادث غير مرجحة، لكنها مرتفعة التكلفة حال حدوثها.
هناك معتقدات غير متجانسة لدى المؤمن لهم وبعضها، أي تلك المعتقدات، تكسر القواعد الأخلاقية بما في ذلك عمليات الاحتيال ومحاولة استغلال التأمين دون إدراك أن أي نمط متحيز أو متطرف من المؤمنين يجعل موقف شركات التأمين ضعيفا، ولا سيما إذا ما كان هناك قيود حكومية حازمة في التعويض الموحد للظروف الموضوعية نفسها، ثم إن الدور الحكومي حتى في الولايات المتحدة لا يزال يدعم القطاعات التأمينية، لأهميتها في مساعدة الحكومة اقتصاديا على تحمل المخاطر، وألفت النظر إلى أن التأمين هو جزء من النظام الاقتصادي الحديث، وفي الأغلب يسعى إلى سد ثغرات المخاطر على الكيانات والأفراد من أجل المحافظة على مستوى الدخل والثروة إلى أقصى ما يسمح به النظام الاقتصادي ويختلف من بلد إلى آخر، ويعزى هذا التفسير إلى أن المخاطر قد تغير موقف الثروات والدخل للأبد، وكلما كانت الكيانات أكبر كان التأمين ضرورة، لهذا خدمات التأمين تختلف عن المنتجات والسلع الأخرى في السوق ولا تخضع إلى كثير من الأسس الاقتصادية، بل إلى تقديرات الأخطار وتقاسمها بين المجتمع على أساس تعاوني سواء وفق النظرة الإسلامية أو النظرة التأمينية التقليدية، وفي الوقت نفسه فإن شركات التأمين يقع عليها تنمية رأس المال والاستثمار وفق أسس شديدة الحذر، وهذا ما يفسر أن شركات التأمين من أهم ملاك السندات والصكوك، بمعنى آخر تراكم رأس المال أساس نجاح شركات التأمين، لكن ليس على حساب تعقيد الخدمة التأمينية أو حرمان المؤمن لهم من حقوقهم.
من جانب آخر، إذا كان المؤمن له معزولا عن تكاليف المخاطر الناشئة جزئيا أو كليا، لا يعني أن يتم استغلال التأمين من المؤمن له بشكل غير أخلاقي، وفي الأغلب سبب هذه التصرفات معتقدات غير متجانسة ما بين النظام التأميني والمجتمع، أما عن قطاع التأمين من حيث ضعفه الهيكلي ونقص الكفاءات الوطنية، فإنه ملف يحتاج إلى سرعة إطلاق هيئة خاصة بالتأمين ووضع خطة استراتيجية واضحة بما في ذلك أي سلوك انتهازي في حوافز وأجور كبار التنفيذيين في شركات بعضها يحقق خسائر فادحة.
أخيرا، القطاع التأميني يحتاج إلى إصلاح هيكلي وتوحيد المعتقدات المشتركة بين شركات التأمين والمجتمع ودون استغلال من أي طرف، وفي نهاية مقال اليوم أؤكد أن أسرع حل لمشكلة ارتفاع الأسعار الحالية هو تسعير السلوك ضمن نطاق تحدده الحكومة.

إنشرها