عدوى العملات المشفرة .. تحرك لوقف مخاطرها «2 من 2»
في إطار الحديث عن وقف مخاطر العملات المشفرة فنحن نقدم خمس توصيات رئيسة في اثنتين من مذكرات التكنولوجيا المالية، تنظيم المنظومة البيئية للأصول المشفرة: حالة الأصول المشفرة غير المدعومة وتنظيم المنظومة البيئية للأصول المشفرة، حالة العملة الرقمية المستقرة وترتيباتها، ونشرت كلاهما في أيلول (سبتمبر) الماضي.
أولا، ينبغي إصدار تراخيص لمقدمي خدمات الأصول المشفرة وتسجيلهم واعتمادهم. ويتضمن ذلك تلك التي تقدم خدمات التخزين والتحويل والمبادلة والتسوية والحفظ، في ظل قواعد كتلك التي تحكم مقدمي الخدمات في القطاع المالي التقليدي. ومن الضروري بصفة خاصة فصل أصول العملاء عن الأصول الخاصة بالشركة وعزل مواردهم عن الوظائف الأخرى، كما ينبغي تحديد معايير الترخيص والتفويض بدقة، وتكليف السلطات المسؤولة بوضوح.
ثانيا، ينبغي أن تخضع الجهات التي تتولى تنفيذ وظائف متعددة لمزيد من الشروط الاحترازية. وإذا كان القيام بوظائف متعددة يمكن أن يولد تضاربا في المصالح، ينبغي أن تنظر السلطات فيما إذا كان ينبغي حظر ذلك على هذه الجهات. وإذا كان من المسموح للشركات أن تؤدي وظائف متعددة، وكانت تقوم بذلك فعليا، ينبغي أن تخضع لشروط صارمة بشأن الشفافية والإفصاح حتى تتمكن السلطات من تحديد أبرز تبعياتها.
ثالثا، ينبغي أن يخضع مصدرو العملات الرقمية المستقرة لشروط احترازية صارمة. فقد بدأت بعض هذه الأدوات تلقى قبولا فيما هو أبعد من حدود مستخدمي العملات الرقمية، وتستخدم حاليا باعتبارها مخازن للقيمة. وإذا لم تخضع العملات الرقمية المستقرة لتنظيم سليم، فمن شأنها أن تضعف الاستقرار النقدي والمالي. وقد تنشأ الحاجة إلى تنظيم قوي على غرار القواعد المنظمة للبنوك، وذلك حسب نموذج ترتيبات العملة الرقمية المستقرة وحجمها.
رابعا، ينبغي وضع شروط واضحة تحكم المؤسسات المالية الخاضعة للتنظيم فيما يتعلق بتعرضها لمخاطر الأصول المشفرة ومعاملاتها فيها. وإذا كانت هذه المؤسسات تقدم خدمات الحفظ، ينبغي توضيح الشروط لمعالجة المخاطر التي تنشأ عن أداء هذه الوظائف. وفي هذا الصدد، فنحن نرحب كل الترحيب بالمعيار الذي وضعته أخيرا لجنة بازل للرقابة المصرفية بشأن المعاملة الاحترازية لتعرض البنوك لمخاطر الأصول المشفرة.
خامسا، في نهاية الأمر، نحن نحتاج إلى آليات لتنظيم العملات المشفرة والرقابة عليها بشكل قوي وشامل ومتسق على مستوى العالم. فطبيعة العملات المشفرة العابرة للقطاعات والعابرة للحدود تحد من فاعلية المناهج الوطنية غير المنسقة فيما بينها. ولكي يكتب النجاح للمنهج العالمي، يجب أن يكون قادرا كذلك على التكيف مع المشهد المتغير وآفاق المخاطر.
وسيكون من الصعب على السلطات في أنحاء العالم احتواء المخاطر أمام المستخدمين نظرا إلى سرعة تطور الأصول المشفرة، بينما هناك بعض الدول التي تتخذ خطوات أشد من ذلك. فعلى سبيل المثال، في إفريقيا جنوب الصحراء، وهي أصغر وإن كانت أسرع المناطق التي تحقق نموا في تداول العملات المشفرة، قام نحو خمس دولها بوضع إجراءات حظر تساعد بطريقة أو بأخرى على الحد من المخاطر.
وبينما إجراءات الحظر واسعة النطاق قد تكون غير متناسبة، نحن نعتقد أن وضع قيود موجهة بدقة يحقق نتائج أفضل على صعيد السياسات شريطة توافر ما يكفي من القدرات التنظيمية اللازمة. فعلى سبيل المثال، يمكننا أن نفرض قيودا على استخدام بعض المشتقات المشفرة، مثلما فعلت اليابان والمملكة المتحدة. ويمكننا كذلك فرض قيود على حملات الترويج للعملات المشفرة، مثلما فعلت إسبانيا وسنغافورة.
ومع هذا، بينما وضع معايير عالمية سيستغرق وقتا، فقد أبلى مجلس الاستقرار المالي بلاء حسنا حين قدم توصياته بشأن الأصول المشفرة والعملات الرقمية المستقرة. وتخلص مذكرتانا عن التكنولوجيا المالية إلى كثير من النتائج ذاتها، وذلك برهان على تعاوننا الوثيق ومشاهداتنا المشتركة في السوق. وسيواصل صندوق النقد الدولي من جانبه العمل مع الأجهزة العالمية والدول الأعضاء لمساعدة كبار صناع السياسات على العمل بشأن هذه المسألة لتقديم أفضل خدمة للمستخدمين من الأفراد وكذلك النظام المالي العالمي.