تحول الطاقة يصطدم بالواقع «2 من 2»

نظرا إلى ظروف البداية هذه، هل تساعدنا حلول مثل النباتية الصرفة "الامتناع عن تناول أي طعام مصدره حيواني"؟ يشير سميل إلى النظام الذي ينتج حبة طماطم واحدة من الزراعة في إسبانيا، "بما في ذلك الأسمدة المطلوبة" لمائدة عشاء في لندن يتضمن خمس ملاعق كبيرة من البترول. صحيح أن كفاءة الطاقة يمكن تحسينها، لكن التأثيرات الرئيسة المترتبة على ذلك ستظهر في الدول المتقدمة، وليس في العالـم النامي، حيث يعيش 80 في المائة من كل البشر، وحيث سيؤدي ارتفاع الدخول إلى زيادة الطلب على الطاقة.
يشير هذا إلى التحدي الثالث، الانقسام الجديد بين الشمال والجنوب. في الشمال العالمي -أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية في المقام الأول- يحتل تغير المناخ قمة أجندة السياسات. لكن في الجنوب العالمي، تتعايش هذه الأولوية مع أولويات حاسمة أخرى، مثل تعزيز النمو الاقتصادي، والحد من الفقر، وتحسين الصحة من خلال استهداف تلوث الهواء داخل المساكن بسبب إحراق الخشب والنفايات. وعلى هذا فإن "تحول الطاقة"، من منظور كثيرين في العالم النامي، يعني الانتقال من الخشب والنفايات إلى غاز البترول الـمسال.
تجلى هذا الانقسام بوضوح في العام الماضي عندما أصدر البرلمان الأوروبي قرارا يدين خط أنابيب النفط المقترح من أوغندا عبر تنزانيا إلى المحيط الهندي. كان اعتراض أعضاء البرلمان الأوروبي قائما على تصور مفاده أن المشروع سيؤثر سلبا في المناخ، والبيئة، و"حقوق الإنسان". غير أنهم أدلوا بأصواتهم من داخل هيئة تقع في فرنسا وبلجيكا، حيث يعادل نصيب الفرد في الدخل "بقيمة الدولار الحالية" على التوالي، "50 ضعفا و60 ضعفا" لنظيره في أوغندا، التي تعد خط الأنابيب أساسا للتنمية الاقتصادية. استفز القرار ردة فعل غاضبة. فقد ندد نائب رئيس البرلمان في أوغندا بالأوروبيين بسبب إظهارهم "أعلى مستوى من النزعة الاستعمارية الجديدة والإمبريالية ضد سيادة أوغندا وتنزانيا".
يتعلق التحدي الرابع بالمتطلبات المادية اللازمة لتحول الطاقة. أرى هذا باعتباره التحول من "النفط الكبير" إلى المجارف الكبرى"، أي التحول من التنقيب عن النفط والغاز، إلى استخراج المعادن التي سيزداد عليها الطلب بدرجة كبيرة في عالـم يصبح أكثر اعتمادا على الكهرباء.
في دراسة جديدة أجرتها شركة ستاندرد آند بورز، بعنوان "مستقبل النحاس"، تشير حساباتنا إلى أن الإمدادات من "معدن الكهرباء" يجب أن تتضاعف لدعم أهداف المناخ العالمية لـ2050. وأخيرا، نشرت مجموعة من السلطات، بما في ذلك الحكومة الأمريكية والحكومة اليابانية، والاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، وهيئة الطاق الدولية، تقارير مزعجة حول النمو الهائل المتوقع في الطلب على المعادن مثل الليثيوم والكوبالت.
لكن الانزعاج في حد ذاته لن يفتح مناجم جديدة كبرى، وهي عملية من المقدر أن تستغرق من 16 إلى 25 عاما وتواجه متطلبات تصاريح متزايدة التعقيد في مختلف أنحاء العالم. في بعض دول الموارد الرئيسة، تعادي الحكومات استخراج المعادن صراحة.
لذا، فعلى الرغم من وضوح اتجاه تحول الطاقة، إلا أنه يتعين على صناع السياسات أن يدركوا التحديات التي ينطوي عليها هذا التحول. ويشكل التوصل إلى فهم أعمق وأكثر واقعية للقضايا المعقدة التي يجب أن تعالج ضرورة أساسية مع استمرار الجهود الرامية إلى تحقيق أهداف التحول.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي