Author

سياحة الصحراء بمؤشرات استثمارية

|

تعد السياحة الصحراوية والسياحة عموما من القطاعات الرائدة لإحداث التنمية في الدول، فهي تشكل في كثير من الدول سندا بالغ الأهمية للتنمية الاقتصادية.

إذ يمثل هذا القطاع الحيوي لبعض الدول المصدر الأول للعملة الأجنبية، ووفقا لتقديرات المنظمة العالمية للسياحة WTO، فإن الدخل الذي تحققه السياحة قد يضاهي الدخل الناتج من بيع المنتجات النفطية.

وتشكل العائدات الاقتصادية للسياحة الصحراوية موارد تذهب مباشرة إلى السكان، فيطول تأثيرها عمق المجتمع المستقبلي ماليا وبشريا، لما توفره من فرص جديدة للعمل والاستثمار والربح للمستثمر والدولة والمواطن العادي، وتنوع في مصادر الدخل وزيادة في الناتج المحلي الإجمالي، وإيجاد سوق للمنتجات الزراعية والصناعات التقليدية. ونتيجة لذلك، فقد عدت الدول الآسيوية التي ضربها المد البحري الزلزالي "تسونامي" في كانون الأول (ديسمبر) 2005، أكبر مساعدة لها تكمن في عودة مكثفة للسياح إليها.
وتحتل الأماكن الصحراوية أكثر من 90 في المائة من الأراضي في الوطن العربي، ولعل هذا هو السبب الذي دفع كثيرا من الدول العربية، إلى استثمار صحاريها والاستفادة مما تحويه من كنوز، على أكثر من مستوى في مجال السياحة البيئية الصحراوية.
وتعد السياحة الصحراوية من أكثر الصناعات الحديثة في العالم كله نموا وازدهارا، لكن تشتهر بها الدول في الوطن العربي، مقارنة بأي أماكن أخرى، حيث المناخ المعتدل.

فعلى الرغم من ارتفاع درجات الحرارة، إلا أن الأمر يخضع للسيطرة بشكل كبير، خاصة في الوطن العربي، حيث تلقى اهتماما كبيرا بالحياة البرية والبيئية.
ورغم أن الاتساع المتواصل لقطاع السياحة الصحراوية لم يتوقف طوال الأعوام الماضية، إلا أنه أخذ زخما كبيرا في منطقة الخليج وشمال إفريقيا خصوصا.

وتجتذب هذه السياحة السكان المحليين إلى جانب أعداد كبيرة متزايدة أيضا من الأجانب القادمين من أوروبا، ومناطق لا تتمتع بالطبيعة الصحراوية.

ولعل من أهم ما يميز هذه السياحة أنها تستقبل الزائرين على مدار العام، أي أنها لا تدخل في سياق السياحة الموسمية، ولا سيما في ظل الإنجازات التي تحققت على صعيد البنية التحتية لها، ووفرت الإمكانات والأدوات اللازمة.

وتسجل شركات السياحة والعطلات ارتفاعا ملحوظا في عدد الباحثين عن المناطق الصحراوية، في منطقة الخليج والجزائر والمغرب وتونس وليبيا ومصر وجزء من شمال السودان، مع توافر البرامج التي تجعل من رواد السياحة الصحراوية راضين عن رحلاتهم، إضافة إلى التسهيلات الإجرائية والخدمات اللوجستية وغيرها.
وفي إطار رؤية المملكة 2030، وضعت السعودية هذه السياحة ضمن الأولويات الهادفة إلى تحويل البلاد لوجهة سياحية من الطراز الأول، وعلى مدى العام.

وتتمتع المملكة بقدرات هائلة في هذا المجال، دعمتها مخططات البنية التحتية، بما في ذلك عمليات تأهيل الكوادر الوطنية لتكون المحور الرئيس لتشغيل القطاع السياحي عموما.

وفي الفترة الماضية، تسعى دولة كالجزائر إلى السير على خطى تجربة السعودية في إعادة تفعيل السياحة الصحراوية، بعد نحو ثلاثة أعوام من الإجراءات الصحية التي اتخذتها البلاد بسبب جائحة كورونا.

ووفق الخبراء، فإن الحكومة الجزائرية تراهن على هذا الجانب السياحي لإعطاء قوة دفع كبيرة للسياحة بشكل عام.

والأمر نفسه ينطبق على دولة كمصر التي شهدت في الأعوام السابقة تناميا لافتا للسياحة في الصحراء الممتدة على أراضيها.
وفي ظل المخططات الاستراتيجية للسياحة في السعودية على وجه الخصوص، باتت المملكة مثالا يحتذى على صعيد السياحة الصحراوية، لما وفرته من إمكانات ومواقع ومنتجعات وبرامج ترفيهية عالية الجودة لكل من يرغب في أن يختبر هذا النوع من السياحة.

ولا تتوقف المساعي لتكريس الحالة الناجحة لسياحة الصحراء في السعودية، سواء عبر تجدد الأدوات اللازمة، أو من خلال تمكين القطاع بصورة مستمرة.

ففي الأعوام الماضية ارتفع عدد السياح القاصدين المناطق الصحراوية كثيرا، في المملكة، خصوصا أن البلاد توفر مجالات أخرى من السياحة على الأصعدة الثقافية والبيئية والرياضية والفنية والبحرية والمهرجانات وغيرها، الأمر الذي يدعم هذه القطاعات عبر تداخلها، ونجاح المخططات الهادفة إلى الحفاظ على قيمتها وتطويرها.
وخلال الفترة الماضية ارتفع مستوى الاستثمارات في القطاع السياحي الصحراوي في منطقة الخليج خصوصا، كما زادت الاستثمارات الأجنبية في المنطقة عموما في هذا القطاع.

فبريق الصحراء يجتذب مزيدا من المستثمرين والسياح، والاستدامة هي العامل الأهم في الحفاظ على هذه السياحة وروابطها الأخرى.

ولا شك أن الأعوام المقبلة ستشهد اتساعا آخر للسياحة الصحراوية في المنطقة، وستكون السعودية بمنزلة المؤشر على نمو قطاع يعزز النمو والتنوع الاقتصادي، لما حققته من إنجازات في هذا الميدان في فترة زمنية تعد قصيرة.

والمنطقة تعد "كما هو معروف" مقصدا سياحيا عاما، يجعل من السياحة الصحراوية مجالا داعما، بل متميزا مقارنة بمناطق كثيرة حول العالم.

وتكفي الإشارة إلى أن شركات السياحة في المنطقة عامة، وفي المملكة خصوصا، سجلت نموا كبيرا في رحلات السفاري، ما قبل جائحة كورونا، وهذا النوع من الرحلات يعد في النهاية مؤشرا أساسيا لسياحة الصحراء وآفاق توسعها وانتشارها وارتفاع عدد روادها المحليين والأجانب.

وعموما يتطلب انتعاش السياحة في المواقع الصحراوية ضخ استثمارات ضخمة، حتى يكون العائد ملحوظا ومفيدا لإيرادات الدول التي ترغب في ذلك.

إنشرها