أدوات التمويل ونمو الشركات وفرص المستثمرين

بدأ الخميس 26 جمادى الآخرة لعام 1444 هـ، الموافق 19 كانون الثاني (يناير) 2023، العمل بالنظام الجديد للشركات الذي تحدث عنه مجموعة من الخبراء بأنه نظام سيطور كثيرا من عمل الشركات وقطاع الاستثمار، وسيعزز من فرص زيادة حجم الاستثمارات وسيتيح مزيدا من الإجراءات التي تضبط عمل الشركات، ومنها الشركات العائلية، ما يزيد من فرص استدامة عملها وفق ميثاق بين الشركاء أو العائلة يقلل من أثر وجود الخلاف أو النزاع بين الملاك أو ورثتهم على عمل ونشاط الشركة، كما توجد مجموعة من التغيرات لها أثر في تعزيز فرص استقطاب الاستثمار الأجنبي، إضافة إلى بعض التغييرات التي تدعم المؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر بعد إلزامها بمتطلب تعيين مراجع الحسابات، مراعاة لحداثتها وحجمها.
ولعل من التغييرات البارزة، التي يمكن أن يكون لها أثر في توسع الشركات ونجاحها وزيادة فرص المستثمرين للاستثمار في مثل هذه الشركات، هو ما علقت به صحيفة "الاقتصادية" ضمن مجموعة من التعليقات على النظام وأبرز المتغيرات فيه: "وسمح نظام الشركات الجديد للشركة ذات المسؤولية المحدودة بإصدار أدوات دين أو صكوك تمويلية قابلة للتداول، مانحا إياها الحق في زيادة رأسمالها"، ولا شك أن التمويل أحد أهم الركائز لنجاح الشركات ونموها بشكل أكبر، إذ إن الانتظار إلى أن تحقق الإيرادات رأس المال الكافي للتوسع في المشاريع التي ترغب الشركة العمل عليها سيأخذ وقتا طويلا ويقلص فرص النجاح في التوسع ويضعف تنافسية الشركة في ظل وجود تحديات كبيرة تواجهها، خصوصا مع وجود الاستثمارات الأجنبية وتدفقها، التي ستأخذ حصة كبرى في ظل وجود نقاط ضعف لدى المستثمرين من الشركات المحلية أو الشركات الصغرى، وخيارات التمويل اليوم تتعدد بصورة كبيرة، وأصبحت الأنظمة والتشريعات أكثر مرونة في توفير هذه الخيارات بدلا من الاعتماد على التمويل والاقتراض من البنوك التي تكون في الأغلب لديها حدود للمخاطر تمنع بعض الشركات من الحصول على التمويل أو الحد الذي تحتاج إليه لتتمكن من التوسع بصورة كافية، فتحديات التمويل كبيرة، وشروط مؤسسات التمويل شديدة للحصول على التمويل وبعدها تحصيل هذا التمويل، إضافة إلى تكلفته العالية على الشركات بحسب تقييمها الائتماني للشركة واحتمالات تغير تكلفته بناء على متغيرات معدل الفائدة والسايبور.
فوجود خيارات متعددة للتمويل سيكون في مصلحة الشركات، خصوصا إذا كان التمويل ليس فقط من خلال الاستدانة، حيث إن الاستدانة تدرج ضمن المطلوبات، التي قد تمنع الحصول على التمويل من جهات أخرى إذا كانت هذه المطلوبات عالية، لكن إذا كانت في صورة أسهم، فإن ذلك قد يكون على العكس من ذلك، حيث يمكن الشركة من أن تظهر برأسمال أعلى، وبالتالي تتمكن من الحصول على تمويل أكبر من جهات تمويلية أخرى، وهذا يعزز من فرص التوسع في السوق وتحقيق النجاح المأمول.
في المقابل ومع وجود سيولة جيدة لدى الأفراد والمستثمرين والصناديق التي تبحث عن الفرص سواء للمستثمرين المحليين أو المستثمر الأجنبي والتفاؤل الكبير في السوق السعودية، نظرا إلى التغييرات الهيكلية في الاقتصاد، وباعتبارها من أكثر الدول نموا خلال الفترة المقبلة بين أكبر 20 اقتصادا حول العالم، فمن المتوقع تدفق مزيد من رؤوس الأموال إلى السوق، التي تبحث عن الفرص والخيارات الجيدة في السوق، وهذا النظام سيعزز وجود فرص استثمارية محلية جيدة وجذابة والتفاؤل بنجاحها عال جدا، خصوصا أننا نلحظ كما هائلا من السيولة التي تبحث عن الفرص تتنافس في خيارات محدودة، ما أدى إلى تضخم بعض الأصول الاستثمارية في السوق رغم انخفاض عوائدها، والمتوقع في المستقبل القريب أن تكون هناك زيادة في قيمة الأصول بشكل أكبر إذا لم تكن الخيارات الاستثمارية تزيد بحجم السيولة التي تبحث عن الفرص.
فالخلاصة أن النظام الجديد للشركات الذي دخل حيز التنفيذ سيكون له دور في تعزيز فرص التمويل للشركات ذات المسؤولية المحدودة من خلال إصدار أدوات دين مثل الصكوك التمويلية تزيد من قدرة الشركة على التوسع في السوق بصورة أسرع بدلا من الاعتماد على مواردها أو فرص تمويل محدودة من المؤسسات المالية، كما تزيد من الخيارات للمستثمرين للاستثمار مع هذه الشركات، خصوصا مع نمو حجم السيولة في السوق وتدفق الاستثمارات الأجنبية ومحدودية الخيارات الاستثمارية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي