Author

نظام الشركات الجديد .. الاستعداد والاستفادة

|

بدأ يوم أمس الخميس الموافق 19 من كانون الثاني (يناير) لعام 2023 سريان نظام الشركات الجديد ولائحته التنفيذية، ويلغي من حينها ما يقابله من أنظمة وأحكام سابقة. وبهذا، نبدأ حقبة جديدة من التنظيم التجاري في المملكة تؤثر في المستثمرين والأعمال التجارية بشكل مباشر وتمنح عددا من المزايا والتعديلات التي لا طالما انتظرها مؤسسو الكيانات التجارية ومن يتعامل معهم. تتطلب هذه التحسينات كذلك استعدادا وجاهزية محدثة. إجمالا، يستوعب النظام الجديد ولائحته التنفيذية احتياجات الشركات العائلية ورواد الأعمال بشكل أفضل، ويتواءم كذلك مع المتطلبات الخاصة بالشركات المدرجة، ويجمع بعض التنظيمات التي كانت منفردة في أنظمة ومستندات أخرى تحت مظلة النظام.
وفي جولة سريعة على النظام نجد أن اللغة المستخدمة تم تطويعها لاستيعاب احتياجات الشركات الصغيرة وتوقعات ريادي الأعمال، ابتداء من تعريف الشركات متناهية الصغر والصغيرة للإعفاء من تعيين مراجع الحسابات مثلا، إلى الشمولية التي تغطي المتطلبات الخاصة بالشركات العائلية وتضمين الميثاق العائلي في عقد التأسيس أو النظام الأساسي لتنظيم الملكية وحوكمتها. وقد استحدث النظام شكلا جديدا للشركات يسمى "شركة المساهمة المبسطة" يعنى بمعالجة احتياجات الاستثمار في ريادة الأعمال ونمو رأس المال الجريء. ويجمع النظام بخصائصه المتعلقة بالمفردات الواضحة والشمولية بين الأحكام الخاصة بممارسات الشركات الربحية وغير الربحية والمهنية في وثيقة تشريعية مترابطة واحدة.
ومما يسمح بمزيد من التخاطب بين المستثمرين والممولين وبين الشركات الخاضعة للنظام السماح للشركات ذات المسؤولية المحدودة بإصدار أدوات دين تمويلية قابلة للتداول، وهذا فتح ليس لمقدم التمويل وللمستفيد منه، وإنما للوسطاء كذلك ومن ضمنهم شركات التقنية المالية التي ستستفيد حتما من نمو هذه التعاملات المحفزة للنمو وترويجها. مثل هذه المميزات وغيرها كزيادة أنواع الأسهم والسماح بشركة المساهمة المبسطة كفيل بتخفيض تكلفة الاستثمار في المشاريع الناشئة والجديدة، ما قد يعيد تأسيس قاعدة النمو المحلي في ريادة الأعمال ورأس المالي الجريء.
ومن الواضح أن إحدى أهم مزايا النظام الجديد التواكب مع الواقع الجديد، فكما نجده يتواكب مع احتياجات المستثمرين نجده كذلك يأخذ في الحسبان احتياجات القوى العاملة وأدوات استبقاء أصحاب المهارات داخل المنظمة، إذ يتيح النظام إمكانية إصدار أسهم تخصص للعاملين بالشركة. ويتواكب النظام أيضا مع واقع التعاملات ويوضح ويؤكد إتاحة تنفيذ الإجراءات إلكترونيا بوسائل التقنية الحديثة، وهذا يشمل تقديم الطلبات وإثبات الحضور والتصويت على القرارات.
وعند التطبيق سيجد المستفيد من النظام توزيعا للأحكام والمعايير والضوابط - خصوصا في اللائحة التنفيذية - ما يحقق الاستفادة منه ويوضح آلية الالتزام به. وهذا يعني تحديثا لآلية الاستعداد الموجودة داخل أماكن العمل وعند المستثمرين والملاك وفرق الالتزام نحو النظام. كل فعل مرتبط بالنظام سيتطلب درجة من الدراية والفهم، ثم المتابعة والالتزام، ابتداء من التأسيس وحتى الإفلاس، وكل ما بينهما من إجراءات وآليات مثل إيداع القوائم المالية، ضوابط العلاقة مع أعضاء المجلس ومكافآتهم، شروط تعيين مراجع الحسابات، شروط إصدار وتحويل أنواع الأسهم، توزيع الأرباح، وتحويل الشركات واندماجها وتقسيمها، والقائمة تطول.
لا ينحصر أثر النظام في التعاملات التجارية الخاضعة على إشراف وزارة التجارة فقط، هناك تفاصيل تنفيذية مهمة تتناولها هيئة السوق المالية باعتبار إشرافها على الشركات المدرجة. وتتوافق الهيئة في تحديث إصداراتها التنظيمية مع نظام الشركات الجديد إذ تحدث أولا اللائحة التنفيذية لنظام الشركات الخاصة بالشركات المساهمة المدرجة، وعدد من اللوائح الأخرى مثل لائحة الحوكمة وقواعد الطرح ولائحة الاندماج والاستحواذ. وهناك عدد كبير من التعديلات الجديدة خاصة بما يرتبط بتعزيز الحوكمة ابتداء من تطوير الأحكام الخاصة بلجنة المراجعة وحتى تعريف الأطراف ذوو العلاقة وضوابط الترخيص لعضو المجلس بالاشتراك في أعمال منافسة للشركة وغير ذلك الكثير.

إنشرها