Author

صدمات التضخم العالمي «1 من 2»

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

تاريخيا وبحسب البنك الدولي مر عالمنا خلال العقود بصدمات تضخمية متعددة سجل متوسط التضخم العالمي في عام 1981 نسبة 12.8 في المائة، و1994 نسبة 10.2 في المائة، و2008 نسبة 8.9 في المائة، ولم يتخطاها حتى اليوم بما في ذلك الأزمة الحالية التي يعيشها العالم وما فيها من تعقيدات سياسية واقتصادية وصحية، وإذا ما تمت مقارنة الماضي بمعدل متوسط التضخم العالمي الحالي الذي اقترب من 4.7 في المائة، يصنف تضخما معتدلا مقارنة بالصدمات التي تلقاها الاقتصاد العالمي خلال العقود الماضية، وأعلى تضخم 14 في المائة 1980 منذ منتصف القرن الماضي.
من الأمور اللافتة أن معدل متوسط التضخم العالمي منذ منتصف القرن الماضي أعلى دائما من التضخم في الولايات المتحدة إلا في عامي 2020 و2021 تخطى التضخم الأمريكي المتوسط العالمي كمتوسط سنوي، ويعد من المؤشرات التي علينا عدم تجاهلها وقد تنذر بتضخم مزمن.
تصريح مدير صندوق النقد الدولي بأن التضخم لا يزال عنيدا يعني أن انحسار التضخم قد يستغرق وقتا أطول، حيث صندوق النقد توقع أن معدل التضخم المتوقع لعام 2023 قد يستقر عند 6.5 في المائة، وعلى الرغم من ذلك، نرى معدله معتدلا نسبيا تاريخيا وله آثاره ولكنها أقل من صدمات التضخم التي أشرنا إليها تاريخيا.
على الرغم من ذلك: لا يمكننا تجاهل ما سنراه من آثار اقتصادية ناتجة عن التضخم وارتفاع سعر الفائدة التي ستحدث حالة عكسية من التباطؤ الاقتصادي، أو ركودا شبه مؤكد لكثير من الدول وفي مقدمة تلك الآثار، الصدمات الاجتماعية والاضطرابات وارتفاع معدلات الفقر وتنامي معدلات البطالة، ولا سيما في الدول منخفضة الدخل والفقيرة وتراجع معدلات التنمية العالمية التابعة للبنك الدولي، ويمكن الاستدلال على ذلك من معدلات الفقر العالمية، أي أن العالم سيخسر المكاسب التنموية الماضية، كما أن تكلفة المعيشة ستحدث قلقا اقتصاديا كبيرا في الدول المتقدمة، كما أن تدهور العملات من الملفات الاقتصادية التي نتوقع أن تظهر في 2023 على السطح.
ومع تسارع نطاق معدلات التضخم التي قد تكون مزمنة تسارعت معها سياسات البنوك المركزية نحو التشديد على أسعار الفائدة، وكلها ستكلف القطاع الخاص والحكومات مزيدا من الخسائر، ولكن على الحكومات الغنية ماليا المحافظة على الأعمال حتى إن ارتفعت الأسعار والتكاليف، أي أن عليها الدعم عبر السياسات المالية مهما كلفها ذلك، ما دام أن الناس تعمل، والدول الأوروبية وأمريكا وبعض من مجموعة العشرين بما في ذلك بعض دول الخليج ستكون قادرة على ذلك، والسعودية مثلا أنفقت 111 مليارا على مشاريعها التنموية وهي سياسات مضادة للتباطؤ أو الركود للقطاع الخاص.
أخيرا: ارتفاع التضخم إلى 3.3 في المائة في المملكة أمر طبيعي ولسنا استثناء، ولا سيما أن كثيرا من المدخلات مستوردة ومع ذلك السعودية لا تزال تسجل أفضل معدلات متوقعة في نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 2023... يتبع.

إنشرها