سوق «المتابعين»

معظم من لديهم حسابات في أي من وسائل التواصل الاجتماعي تأتيهم رسائل تعرض عليهم زيادة المتابعين، وفي الأغلب تأتي الرسالة من حساب مجهول الهوية.
أكثر من مرة أدخل على حساب من أرسل الرسالة فأجده متواضعا جدا، فيتبادر السؤال، إذا كان قادرا على زيادة متابعيك، فلماذا لا يزيد من يتابعونه؟ ورغم أني عادة لا أرد على هذه الرسالة لأني أهتم بنوعية التابعين أكثر من كميتهم، إلا أن الفضول الصحافي جعلني أرد على أحدهم وأسأله مباشرة، كيف ستزيد أرقام حسابي وحسابك ضعيف؟
أجابني بأنه سيفعل ذلك عن طريق حساب آخر ذكره لي، ووجدت الحساب الآخر لديه أرقام كبيرة إلى حد ما، وواصلت النقاش حول كيفية عمل ذلك، وأظهرت اهتماما لأحصل على المعلومات، ففهمت أن صاحب الحساب الكبير يقوم بتشغيل حسابات كثيرة مقابل نسبة من الرسوم التي يطلبونها.
لا أعرف لماذا تذكرت بعض محللي الأسهم ومقدمي التوصيات عبر منصات التواصل الذين لو كانوا يفقهون في الاستثمار ويعرفون الأسهم التي ستحقق الأضعاف المضاعفة، لأصبحوا أثرياء، وخمنت حينها أنهم ربما مثل الحسابات أعلاه، يقوم مضارب كبير بتشغيلهم مقابل فتات على شكل نسبة أو غيرها. واصلت التركيز على رسائل العروض ولاحظت أن جل الحسابات التي تسوق وتلك التي تنشر المسوقين لها، هي بأسماء مستعارة أو ألقاب مبهمة، وهذا مدعاة إلى الشك في كثير من الأمور الأمنية والمالية، شك قد يمتد إلى احتماليات العمل غير المشروع أو غسل الأموال وما في حكمها.
أتفهم هاجس زيادة المتابعين لدى البعض، وأدرك أن ما يحدث في هذه السوق يسيل له لعاب البعض، ومع ذلك أنصح بعدم التعامل مع من يعرضون ذلك، حفاظا على أمنك وأمن بلادك، وبياناتك، وربما حتى ماء وجهك.
تساءلت، ما دام هناك طلب، لماذا لا يكون هناك عرض أكثر تنظيما ورسمية؟ هل بالإمكان أن يتم عبر بعض الحسابات الكبيرة إذا رغب أصحابها في دعم الحسابات الصغيرة على أسس واضحة، أسس تعتمد تطوير أدوات صاحب الحساب، واستغلال إمكاناته أو مواهبه إن وجدت، لينعكس ذلك على المحتوى، فينعكس على الانتشار.
سألت زميلا في التسويق الرقمي فأجابني أن هذه الممارسة موجودة، وأن هناك وكالات متخصصة تنسق مع حسابات مشهورة لتسويق ودعم الحسابات الصغيرة بمقابل، لكن كثيرين لا يعرفون عن ذلك.
إذا كنت راغبا وستدفع مقابلا على أي حال فلتدفعه إلى شخص معلوم وحساب معروف عبر وسيط مرخص، أليس ذلك أفضل من الإسفاف والتفاهة ونقل الشائعات لتحقيق الشهرة؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي