Author

الشباب السعودي .. بين الوظيفة والعمل الحر

|
كعادتي أحاول أن أربط في مقالاتي بين الماضي والحاضر، وحول موضوع اليوم نجد أن الشاب السعودي في الماضي كان يمكنه الحصول على وظيفة حكومية إذا كانت معه شهادة الكفاءة المتوسطة أو الثانوية العامة ومكاتب الصادر والوارد أو البرقيات والبريد في الوزارات تشهد على ذلك، لكن إغراء الدراسة الجامعية بما يصرف للطالب من مكافأة وما ينتظره بعد التخرج من وظائف أعلى وكذلك الوضع الاجتماعي حيث أصبح من يريد الزواج يجد صعوبة إذا لم يكن يحمل شهادة جامعية، والتحق الشباب بالتخصصات النظرية كالأدب والتاريخ والجغرافيا وكليات المجتمع التي انتشرت في جامعاتنا بشكل كبير في مرحلة من المراحل وأغلق معظمها الآن، وتخرج الشباب بسهولة وسرعة من هذه الكليات هذا عن الماضي، أما عن الحاضر فإن سوق العمل قد تغيرت، فالوظائف الحكومية قد أصبحت قليلة ووظائف القطاع الخاص تتطلب تخصصات مختلفة مثل المحاسبة والقانون والحاسب الآلي إضافة إلى طلب شهادة خبرة وربما إجادة اللغة الإنجليزية واستأثر الوافدون بأكثر وظائف القطاع الخاص وظل الشباب السعودي يبحث عن الوظيفة فلا يجدها ومنهم حامل للشهادة الجامعية بل حتى بعض من ابتعث إلى الخارج وعاد مؤهلا وهنا اتجهت الأنظار إلى قطاع يستطيع تخفيف هذه المشكلة وهو قطاع العمل الحر، ووجد رواد الأعمال اهتماما من الجهات الحكومية المختصة ولعل بداية الاهتمام اختفاء مسميات قديمة كانت تطلق عليهم مثل "متسبب أو شريطي" وهي مسميات متواضعة جدا وحلت محلها رائد أعمال ثم رجل أعمال وسيدات أعمال، ومن خطوات الاهتمام بهذه الشريحة المهمة من المجتمع تأسيس الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة عام 2016 وتتلخص أهدافها في تنظيم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة ورعايته وفقا لأفضل الممارسات العالمية ومن ذلك نشر ثقافة وفكر العمل الحر وتنويع مصادر التمويل وإزالة المعوقات الإدارية والتنظيمية والفنية والإجرائية التي تواجه هذا القطاع لزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من 20 في المائة حاليا إلى 35 في المائة عام 2030.
وأخيرا: دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال لا ينحصر في توفير التمويل من البنوك ومؤسسات الإقراض فقط وإنما الأهم إعطاء دورات وعقد ورش عمل لشباب وشابات الأعمال حول طريقة تنمية مصادر الدخل في أعمالهم وتحقيق نمو سنوي بأقل المصروفات كي تتمكن مؤسساتهم من تسديد قروضهم وتحقيق عائد يشجعهم على الاستمرار على عكس ما يلاحظ الآن من عدم قدرة نسبة منهم على الاستمرار بعد عام أو عامين، ولعل تدخل الجهات المختصة في جانب مهم وهو توجيه الجهات الحكومية بسرعة صرف مستحقات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بعد إنهاء وتسليم أعمالهم سيكون من أهم أنواع الدعم، فلقد تحدث معي بعضهم أن هذه العقبة تعد محبطة لهم فهم لا يستطيعون الانتظار كالشركات والمؤسسات الكبرى، ما يعرضهم للإفلاس والإغلاق وهذا ما لا تريده القيادة الحريصة على تنمية هذا القطاع الذي يفتح مجال العمل لشبابنا بعد أن أثبت أنه يستطيع تحقيق النجاح في أي مجال.
إنشرها