الرحم الاصطناعي .. تقنية قادمة لصحة المرأة والطفل

يعد الحمل والإنجاب من أهم المراحل الحيوية لإنشاء وتطوير الإنسان في رحم المرأة، وهي الطريقة الوحيدة التي يتناسل بها المجتمع. هي رحلة محفوفة بالمخاطر وذات حساسية عالية، قد تصل بالأم أو الجنين إلى الوفاة وخاصة في المجتمعات البدائية التي تفتقر إلى الرعاية الصحية الفعالة للمرأة والجنين على حد سواء. فأمراض واعتلالات الرحم كالإصابة بالسرطان أو المشكلات الهرمونية أو المناعية قد تنهي الحمل أو تعيق حدوثه.

إضافة إلى أنه يولد كل عام ما يقارب ١٥ مليون طفل خديج وذلك قبل إتمام الأسبوع السابع والثلاثين من الحمل والذي يقدر بأربعين أسبوعا، أي ما يقارب طفل ما بين كل عشرة أطفال بحسب منظمة الصحة العالمية.

التعقيدات والمخاطر الناجمة عن ولادة الطفل الخديج قد تؤدي به إلى الوفاة في كثير من الحالات لمن هم دون الخامسة من عمرهم، وذلك لضعف قدرتهم على تحمل الحياة خارج الرحم نظير عدم اكتمال فترة احتضانهم اللازمة للنمو.

وتزداد الحالة حرجا للأطفال الذين يولدون قبل إتمام الأسبوع الثاني والثلاثين، حيث تزداد فرصة الوفاة والإعاقة، وبعض الأطفال الناجين قد يعانون مشكلات في التنفس، أو التغذية، أو التطور في النمو .. إلخ . لذا فإن حياة الأجنة في هذه المرحلة تحتاج إلى دعم ومساعدة حتى اكتمال نموهم وقدرتهم على الحياة في العالم الخارجي.

مع تطور التقنيات الحيوية والطبية بلغنا في عصرنا الحالي مراحل مثيرة وواعدة في مجال تقنيات الخصوبة والإنجاب. فبعد تطوير تقنية أطفال الأنابيب التي تحققت من خلالها نجاحات كبيرة لعلاج العقم مرورا بتقنية انتقاء جنس الجنين، نشهد اليوم تقنية الرحم الاصطناعي التي تعد أحدث التطورات العلمية في مجال الإنجاب المبتكرة.

هي تقنية مستحدثة مكونة من كيس يحاكي الرحم ويسمح بنمو الجنين خارج الجسم الذي يحتضنه بالعادة لفترة زمنية محددة. يعد الرحم الاصطناعي بديل للرحم الحقيقي وهو جهاز متعدد الاستخدامات. فيه يعزل الطفل في سائل احتضان معقم مع نضح غاز الأكسجين باستخدام دارة خارج الكيس ويزود بالمغذيات وعوامل النمو الضرورية، في عملية محاكاة لرحم الأم والمشيمة. وفي 2017 و 2019 قام فريقان بحثيان باستكمال دراسة تثبت مبدأ ونجاح هذه التقنية.

واليوم نشهد دخولها إلى السوق حيث أطلقت إحدى الشركات المزودة لهذه التقنية التي تهدف إلى إتاحتها للمستفيدين. والجدير بالذكر أن حجم سوق تقنيات الإنجاب في العالم لـ2021 يقدر بـ23.5 مليار دولار.

ولا شك أن هذه التقنية تعد حلا وخيارا واعدا لمساندة صحة كل من الطفل والمرأة ويفتح باب أمل للسيدات اللاتي لا يمكن أن يحملن لأسباب صحية. وحتما سنشهد توسعا في هذه التقنية وتوفرها كضرورة لمساندة صحة الطفل والمرأة.

وكأي تقنية حيوية أو طبية مبتكرة لا بد أن تأخذ الجانب الأخلاقي في الحسبان فهل يتم إتاحتها للفئات التي تعاني ظروفا صحية خاصة تعيق الحمل والإنجاب فقط، أو من الممكن أن تتاح لجميع السيدات كمواءمة لنمط الحياة المعاصر وسوق العمل الذي يفتقر إلى سياسة العمل الصحية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي