"الجو جميل وشاعري"

أجواء الرياض ساحرة فاتنة، تحرض على المتع الدنيوية، ولا بأس في ذلك للقادر من ناحية الوقت والمسؤولية، ومثل كثيرين غيري تحدثني نفسي بأن الجو الجميل مدعاة إلى التنزه والتحرر من قيود العمل، لكني في الأغلب أحتفظ بحديث نفسي لها، أو على طريقة الشاعر العربي أقوم بـ" حملها على ما يزينها".
لماذا أول ما يفكر فيه الرجل هو الهروب من المسؤولية العملية، وبعضهم الأسرية، بمجرد تحسن الطقس، لماذا لا يكون العكس فيكون الطقس الجميل محفزا لمزيد من الإنتاجية، والإقبال على الحياة، لماذا لا تكون الأسرة أول ما يفكر فيه بدلا من الأصدقاء؟
أسئلة اجتماعية نفسية لا يجد العاقل لها مبررا منطقيا، رغم التفهم النسبي لحكاية عدم الرغبة في العمل، فالوظيفة إجمالا مقيدة للحرية، لكن المتعمق فيها يجدها أيضا صانعة للحرية، بمنطق القوة والإنتاجية الذي يحتاج إليه الفرد، وتحتاج إليه الجماعة حتى تصل إلى مستويات رفاه أفضل، أتمنى أن نشاهد انعكاسها على طرق التفكير، وعلى هذه الحكاية الصغيرة مع الطقس التي أستدل بها.
لو حاولت إيجاد الرابط النفسي الصحيح لاكتشفت أن الطقس الجميل مدعاة إلى الانطلاق في الحياة، هو جزء من الطاقة اللا محسوسة التي يفترض بها أن تجعلك في مزاج أفضل، ونفسية أهدأ، وبالتالي قابلية أكثر أو أكبر للعمل والإنتاج، ويكفي أن تفكر في الوضع المقابل، ماذا لو كان الطقس سيئا، شديد الحرارة، أو في وسط عاصفة غبارية؟ ألن يكون العمل أثقل على نفسك بدءا من رحلة الذهاب إليه وانتهاء برحلة العودة منه.
هذه الأيام نخرج إلى العمل ونوصل الأطفال إلى المدارس بنفسيات مطمئنة، فعلاقة الأرواح بالمطر والطقس الجميل علاقة عجيبة، حيث يشعر الإنسان أن روحه ترتوي مع ارتواء الأرض، إنه يعود إلى فطرته ويقينه بأن الماء سر الحياة.
أنعم الله على معظم مناطق المملكة بالأمطار، وأنعم علينا بأمان وازدهار في ظل عالم يضطرب معظمه، والعمل أيا كان نوعه وطبيعته، وظيفة كان أو عملا خاصا، جزء من منظومة النماء والازدهار، هكذا يجب أن نفكر، وهكذا ينبغي أن نطبق.
الجو الجميل الرائع يزيد الطاقة النفسية والجسدية، ويجعل ساعات العمل تمر أسرع، وهو بلا شك يزيد الرغبة في المتع ومنها التنزه والانطلاق، لكنه - وهذا الأهم - يزيد فرص "اليقظة الذهنية" التي تساعدنا على عيش اللحظة الراهنة، والاستمتاع بحالة من السلام الداخلي تنشأ عن هذا الجمال والشاعرية في الطقس، ولا بد لكل ذلك أن يجعلك تعمل أفضل، والأهم تعمل وأنت أسعد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي