عنصر المفاجآت وقرارات ترمب المتجددة

دأب الرئيس ترمب على استخدام عنصر المفاجآت في كثير من قراراته، فمنذ توليه السلطة في شهر يناير الماضي أصدر عديدا من القرارات التي يحاول من خلالها إعادة الهيمنة الأمريكية الاقتصادية حسب تعبيره، ورفضه استغلال الدول للولايات المتحدة اقتصاديا وفقا لميزان المدفوعات التجاري لبلاده، حيث يرى أن كثيرا من الدول تستغل بلاده لزيادة صادراتها إلى الولايات المتحدة بينما تخفض وارداتها منها، وتفرض بعض الدول رسوما تجارية على وارداتها من الولايات المتحدة بينما لا تقابل الولايات المتحدة ذلك بالمثل!
لذلك لجأ لشن حرب تجارية شملت معظم دول العالم، تجاوزت الرسوم التي فرضها على بعض الدول لمستويات 100%، ومنذ ذلك الحين تم تخفيض بعض تلك الرسوم وإرجاء بعضها، حسب الاتفاقيات التي جرى إبرامها خلال الفترة الماضية مع بعض الدول، وحيث إن المهلة التي منحها ترمب لكثير من الدول لإصلاح العجز التجاري بينها وبين الولايات المتحدة ومعالجة الرسوم المتبادلة وفقا لما يراه الرئيس ترمب مناسباً باتت على الأبواب.
فقد حدد يوم التاسع من يوليو الشهر الجاري نهايةً لتلك المهلة، وبالتالي يعد تاريخ التاسع من الشهر الجاري تاريخاً مهما للأسواق يلي تاريخ الثاني من أبريل الماضي الذي فرض فيه ترمب رسوما جمركية شملت نحو 180 دولة حول العالم.
وحيث إن التاريخين مرتبطان ببعضهما بحكم أنهما يدوران حول موضوع واحد (الرسوم الجمركية)، إلا أن كثيرا من الخبراء يرى أن ترمب لم يمنح مهلة أخرى فلن يكون الأثر لأي قرارات مشابها لما حدث بعد الثاني من أبريل الذي أطلق عليه ترمب اسم "يوم تحرير أمريكا" حيث إن الأسواق تراجعت ذلك الحين بشكل حاد من باب عنصر المفاجأة الأكثر من متوقعة.
أما الآن فقد بدأت الأسواق بالتعايش مع أي أخبار أو مستجدات ذات صلة بما يتعلق بالحرب التجارية، لذلك استعادت الأسواق خلال الفترة الماضية كثيرا من عافيتها التي فقدتها، بل وحققت أرقاما تاريخية جديدة كما حدث في مؤشر الإس آند بي 500 وكذلك الناسداك، فكلا المؤشرين حققا أرقاما قياسية وقمما تاريخية جديدة خلال الأيام القليلة الماضية، متجاوزين قممهما التاريخية التي حققاها في شهر فبراير الماضي وتحديدا قبل يوم تحرير أمريكا كما يسميه ترمب، بل ولم تأبه بقرب انتهاء المهلة التي منحها ترمب للدول لعقد اتفاقا معه بخصوص رسومه الجمركية التي فرضها.
حاليا تمر الأسواق الأمريكية بمرحلة جديدة من الأرقام القياسية والقمم التاريخية، وبدعم من القطاع المالي على رأسه قطاع البنوك الذي يتداول حاليا عند أعلى مستوى له منذ 3 سنوات، وهو الداعم الأكبر حتى الآن لتحقيق تلك القمم، في ظل تباين أداء قطاع التكنولوجيا الذي يعد أكثر حساسية للرسوم الجمركية، وربما يكون دور القطاع المالي والبنكي من باب تبادل الأدوار التي تشهده السوق الأمريكية حاليا.
ورغم ذلك فالأسواق تغلب عليها الإيجابية وبالوقت ذاته تتعامل حتى الآن بحذر مع عنصر المفاجآت المتمثل بقرارات الرئيس ترمب المتجددة، فربما كان يوم التاسع الذي تفصله عنها أيام مليئا بالمفاجآت والأيام حبلى بما يدور في خلد ترمب.
ولكن بشكل عام فالعالم يعيش في وقت مليء بالمتغيرات الاقتصادية والسياسية، وبالتالي فالاحتياط عامل مهم وقارب نجاة ضد أي مفاجآت قد لا تكون متوقعة، وذلك رغم الإيجابية التي يشعر بها المستثمرون في الأسواق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي