Author

خطة مضاعفة الأصول للأفراد خليجيا «1 من 2»

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

يعاني كثير من الاقتصادات سوء توزيع الدخل أو ما يعرف اقتصاديا بعدالة التوزيع ويعزى ذلك، أي تفاوت الدخل وسوء التوزيع، إلى اختلال في النظام الاقتصادي، وهي متلازمة طبيعية تترافق مع ظروف كل دولة وطبيعة نموذجها الاقتصادي، ولا سيما فيما يتعلق بتمتين الطبقة المتوسطة middle class، وتكمن أهميتها الاقتصادية في قدرتها على حماية الاقتصاد من الأزمات، وكلما تحسنت مؤشراتها الاستهلاكية والادخارية والاستثمارية الفردية على مستوى الأسرة، كان الاقتصاد أفضل حالا، وهي طبقة يحددها الاقتصاديون وفق دخلها ودرجة تعليمها ومهاراتها، وتمتاز هذه الطبقة بقدرتها على الاستهلاك والإنفاق بطريقة لا نراها في الطبقة الغنية أو طبقات حزام الضمان الاجتماعي، كما أنها، أي الطبقة المتوسطة، في الدول الصناعية والدول الغنية مثل الدول الاسكندنافية، تماثل دول الخليج إلى حد بعيد.
كان تشكل الطبقة المتوسطة في الدول الصناعية والمتقدمة يرجع إلى تلقائية مسارات التوزيع المعتمدة على الإنتاج وأداء الشركات والنظام الاقتصادي عبر التاريخ الاقتصادي، أما في دول الخليج على سبيل المثال، فالأمر يرجع إلى حجم الإنفاق المرتفع وسخاء تقديم الدعم لقطاع الأسر على مستوى الوظائف الحكومية والإنفاق السخي على البنية التحتية وغيرها من البرامج، التي تدعم القطاع الخاص والأسر التجارية، لكن القطاع الخاص المحلي لا يزال مستمرا في توظيف قوى العمل الأجنبية، ما شكل درجة من درجات المزاحمة الاقتصادية على جودة الأجور والوظائف، وهذا جعل الحكومات تواصل الإنفاق والتوظيف إلى حين تحسن القطاع الخاص.
يتم الاستدلال على انحراف توزيع الدخل والاستهلاك بين الأفراد في القطاع العائلي من خلال معامل جيني Gini، لكن لضعف المسوحات الخاصة بالأسرة في دول الخليج، فمن الملائم أن نفكر بطريقة عكسية أو ما يعرف بالهندسة العكسية، لكن هذه المرة هندسة عكسية اقتصادية ـ إن صح التعبير ـ أي نعمل على مضاعفة الأصول للأفراد، بمعنى آخر تصميم برامج نوعية من أجل مضاعفة دخل الناس من استثمار الأصول، نظرا إلى أن أكثر المواطنين هم موظفون وأصولهم في الأغلب هي أموال نقدية ومدخرات، ونسبة الأسهم التي يملكونها أقل بكثير من الدول المتقدمة والصناعية، على الرغم من ارتفاع الدخل لدول الخليج كنسبة وتناسب بين الدخل وعدد السكان.
وسط استمرار نمو القطاع الخاص وبرامج التحول الهيكلي يمكن لاقتصادات دول الخليج تبني خطة، لتحويل مدخرات الأفراد ومساعدة الأسر على بناء أصولها من خلال أسواق الأسهم ورفع نسبة التملك، أي أننا نمنحهم فرصة للاستفادة من ارتفاع أسعار الأسهم على المدى الطويل، ولا سيما أن كثيرا من الأسر ليست لديهم أموال للاستثمار إضافة إلى ضعف المعرفة الاستثمارية، لذا وجود برنامج مشترك بين القطاعين الخاص والحكومي لتنفيذ هذه الخطة، أي خطة بناء أصول استثمارية للأسر في الأسواق المالية، سيسهم في معالجة مشكلات فجوة الدخل والاستهلاك طويلة الأجل، ويساعد الأسواق على إطلاق مشاريع أكثر وأكبر من خلال أسواق المال.

إنشرها