لإبقاء التضخم قيد السيطرة «2»

استخدمنا المسح الذي أجريناه على 1500 خبير، لإلقاء الضوء على رأي الناس في الطريقة التي يعمل بها الاقتصاد ـ أو بلغة الاقتصاديين، "نماذجهم القائمة على التقدير الذاتي". وقد طلبنا من المجيبين النظر في أربع صدمات افتراضية يتعرض لها الاقتصاد الأمريكي، ارتفاع حاد في أسعار النفط نتيجة انخفاض العرض العالمي، وارتفاع ضرائب الدخل، وزيادة إنفاق الحكومة الفيدرالية، وارتفاع سعر الفائدة المستهدف من الاحتياطي الفيدرالي.
وقد تمت دراسة هذه الصدمات على نطاق واسع في علم الاقتصاد الكلي، لكن يمكن لغير الخبراء فهمها أيضا من الناحية المفاهيمية. وللتأكد من أن جميع المجيبين استندوا في إجاباتهم إلى المعلومات نفسها، قدمنا لهم الأرقام الحالية لمعدلات التضخم والبطالة، وطلبنا منهم وضع تنبؤاتهم للمتغيرين خلال العام التالي. ثم قدمنا لهم أخبارا عن إحدى الصدمات الافتراضية الأربع، وطلبنا منهم وضع تنبؤات جديدة للتضخم والبطالة.
وأوضحت ردودهم أن آراءهم حول آثار الصدمات الاقتصادية كانت متباينة إلى حد كبير، مع وجود اختلافات كبيرة سواء داخل عينتي الأسر والخبراء أو بين العينتين. وفي بعض الحالات اختلفت آراء الأسر والخبراء حول ما إذا كان لصدمة معينة تأثير إيجابي أو سلبي في التضخم والبطالة. وأكثر ما كان لافتا للانتباه هو اعتقاد الأسر في المتوسط أن ارتفاع سعر الفائدة الأساسي الصادر عن البنك المركزي وارتفاع ضرائب الدخل، يؤديان إلى ارتفاع التضخم على عكس تنبؤات الخبراء وعديد من النماذج المنهجية التي تشير إلى انخفاضه.
وفي الجزء الثاني من المسح بحثنا أسباب الاختلاف بين مجموعتي الخبراء والأسر وداخل المجموعتين. ويبدو أن جزءا من الاختلاف ينشأ لأن المجيبين يعتقدون أن الصدمات تعمل من خلال قنوات انتقال مختلفة ـ وتحديدا، آليات الطلب والعرض. وباستخدام مجموعة من الأسئلة متعددة الاختيارات ومربعات النص المفتوح، طلبنا من المجيبين وصف ما كانوا يفكرون فيه عند وضع تنبؤاتهم. وقد وجدنا أن هذه الروابط فسرت جزءا كبيرا من الاختلافات في التنبؤات. وليس من المستغرب أن الخبراء اعتمدوا في الأغلب على معرفتهم الفنية، باستخدام أطر عمل مأخوذة من مجموعات أدواتهم اليومية، وفي الغالب عمل إشارات مرجعية مباشرة للنماذج النظرية أو الدراسات التجريبية. وفي المقابل، اعتمدت الأسر على مجموعة واسعة من المناهج في وضع توقعاتها. واعتمدت في الأغلب على تجارب شخصية، أو تأثرت بآراء سياسية، أو توقعت ببساطة كيف يمكن أن تؤثر صدمة معينة في الاقتصاد.
وعلاوة على ذلك عندما تفكر الأسر في آليات معينة لانتشار الصدمات، فإنها في الأغلب ما تفكر في قنوات مختلفة تماما عما يفكر فيه الخبراء. وهذا بدوره يفسر جزئيا سبب اختلاف تنبؤاتها لبعض الصدمات بشكل ملحوظ عن تنبؤات الخبراء. فعلى سبيل المثال، في الأغلب ما فكرت الأسر في تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على تكاليف اقتراض الشركات لرؤوس الأموال، التي تنتقل إلى المستهلكين عن طريق ارتفاع الأسعار. ومن الناحية الأخرى، فكر الخبراء في الأغلب في قناة الطلب المعروفة، التي تتنبأ بانخفاض التضخم استجابة لارتفاع أسعار الفائدة حيث يقوم المستهلكون بتخفيض الإنفاق وزيادة الادخار... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي