Author

توسيع الطاقة الاستيعابية للاقتصاد «1 من 2»

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

تنتهج السعودية أسلوبا جديدا في إدارة الاقتصاد من خلال إعادة هيكلة المنظومات الاقتصادية وتحرير الاقتصاد من متلازمة شهيرة، يمكن وصفها بارتفاع الأسعار نتيجة الإنفاق الحكومي السخي على المشاريع والبنية التحتية، لأن الإنفاق الحكومي المفاجئ، والمرتفع من أموال النفط يؤدي بطبيعة الحال إلى سرعة نمو أسعار السلع العامة والخدمات، كما أن كثيرا من الاستثمارات يتحول مسارها إلى العقار والمقاولات والإنشاءات ومشاريع الحكومة دون غيرها مثل السياحة والقطاع الخدمي الذي يعتمد على استثمارات القطاع الخاص والخدمات اللوجستية وصناعة الترفيه والمشاريع التقنية والريادية التي يقودها الابتكار والإنتاج البحثي، إضافة إلى الصناعات التصديرية غير النفطية والعسكرية والمحتوى المحلي بصورته الشمولية التي تقودها بعض برامج الرؤية 2030.
إن أسلوب الإنفاق وحيد المصدر الذي يعتمد الميزانية العامة، تغير منذ إطلاق الرؤية، وهذا الأسلوب أي الإنفاق عبر قناة واحدة كان معمولا به قبل 2016، وكان يشكل عبئا على ميزانية الدولة، وعلى تبعية القطاع الخاص المطلقة على الميزانية العامة، لكننا بعد إعادة هيكلة الاقتصاد ووضع استراتيجيات للقطاعات بشكل منفصل لكل قطاع وفق إمكاناته وقدراته، إضافة إلى تعديل نموذج التمويل الوطني العام عبر صندوق التنمية الوطني الذي يضم ثمانية صناديق تنموية وثلاثة بنوك في خدمة مفاصل الاقتصاد، نحن عمليا عالجنا تلك المتلازمة، وأعني هنا متلازمة الإنفاق العام وضيق الطاقة الاستيعابية للاقتصاد.
ومن مؤشرات هذا النموذج الاقتصادي الجديد الذي عالج المتلازمة آنفة الذكر أن معدل التضخم في المملكة كان في مستويات مثالية، نطاق 3 في المائة 2022، كما أن عدد السعوديين الجدد الداخلين سوق العمل عبر بوابة القطاع الخاص وصل إلى مستويات تاريخية 2.2 مليون سعودي وسعودية حتى نهاية الربع الثالث من 2022، أي إن حالتي التوطين للوظائف والسعودة في اقتصادات سوق العمل تحقق أهدافها دون التأثير في أداء القطاع الخاص، بل إن معدلات توريد الضرائب للقيمة المضافة من أهم المؤشرات التي يمكن مراقبتها على كفاءة وتحسن القدرة الاستيعابية للاقتصاد.
وحاليا فإن قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال وحقوق المليكة الفكرية والابتكار من محركات النمو التي ستزيد من الطاقة الاستيعابية للناتج المحلي الحقيقي، ويمكن وصف هذه المرحلة بأنها المرحلة الثانية التي سيكون لها ما بعدها من تحسين مستويات المنافسة، وتحسين الأسعار العامة وزيادة توليد الوظائف النوعية، التي تعد من أهم مستهدفات الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في تمكين السعوديين للحصول على وظائف ذات جودة عالية ودخل مرتفع يتوافق مع قوة اقتصاد المملكة.
أخيرا، فإن تحديد أسقف الإنفاق إحدى الاستراتيجيات المستخدمة، التي تحافظ على استقرار القطاع الخاص من تذبذب السياسات التوسعية، أي إن هذا النمط من الإنفاق لا يربك القطاع الخاص، بل يساعده على التوسع والنمو وتحسين خططه الاستراتيجية طويلة المدى بما في ذلك فرص تخطيط الاستدانة طويلة الأجل وكذلك سيحفز على دخول استثمارات أجنبية مباشرة تبحث عن أسواق مستقرة لديها قدرة استهلاكية مرتفعة.

إنشرها