Author

انعكاسات فجوة الأجور بين القطاعين

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

مؤشر فجوة الأجور بين القطاعين العام والخاص من المؤشرات القيادية لسوق العمل التي تكشف لصناع السياسات الاقتصادية مدى التباينات القطاعية وسياستي الأجور والتوظيف إضافة إلى المنافسة. يؤدي انخفاض الرواتب في القطاع الخاص إلى تشويه المنافسة والإضرار بإنتاجية القطاع الخاص مع صعوبة بالغة في استبقاء الموظفين الذين يحتاج إليهم القطاع الخاص، أي أن الفجوة بين القطاعين لمصلحة العام تحفز استمرار توظيف الأجانب القادمين بأجور ضعيفة، وبالتالي تظل رواتب القطاع الخاص ضعيفة وغير جاذبة للكفاءات الوطنية، وهذ يعني استمرار ضعف توظيف المواطنين أو توظيفهم بأجور لا تنسجم مع قوة الاقتصاد العام.
وبطبيعة الحال ستبقى خبرات القطاع الخاص التراكمية لدى الأجانب مع نقص مزمن ومستدام في المواطنين العاملين، وستظل فروقات الأجور عاملا جوهريا في عدم استقرار خبرات القطاع الخاص وعدم التقدم في الحياة المهنية للمواطنين، بشكل متسق يزيد من إنتاجية القطاع الخاص، وعلاوة على ما سبق، سنرى أن ذوي المهارات المنخفضة يتراكمون في القطاع الخاص لغياب الحياة المهنية المستقرة التي تسبب فيها تشرذم وضعف القطاع الخاص الذي سترتفع معه معدلات تسريح العاملين عند أي صدمة في الأرباح.
كما أن تباين الرواتب بين القطاعين له أثر اجتماعي من نوع آخر ويمكن ملاحظته، أي ذلك الأثر، في طبيعة المعيشة والاستهلاك بين أفراد القطاع العائلي، لذا سنلاحظ أن الاقتصاد الكلي قوي ويحقق ناتجا محليا مرتفعا، غير أن التوزيع غير متكافئ، وهذه من الملاحظات المثيرة للاهتمام لدى الاقتصاديين، خصوصا عند تفسير اختلاف عدالة التوزيع التي تعد من المؤشرات اللاحقة بمرور الوقت وتظهر آثارها متأخرة، وقد يصعب مستقبلا معرفة السبب الباعث على ذلك، أي على هشاشة عدالة التوزيع اقتصاديا بما في ذلك حياه المتقاعدين، لانخفاض معاشاتهم.
في نهاية المطاف وللمحافظة على خبرات القطاع الخاص من التشرذم يفضل أن يتم تصنيف وظائف القطاع الخاص قطاعيا، مثل وظائف البنوك والتأمين والاتصالات والطيران والنقل، بهدف تصميم برامج مهنية من المنظم الحكومي تعزز من تراكم الخبرات والمهنية بشكل رأسي في كل قطاع، إضافة إلى تقديم الدعم الحكومي للقطاع الخاص في مزايا التأمين وتشجيع القطاع الخاص على ربط حوافزه السنوية بالأرباح لجميع العاملين، وتقديم امتيازات أفضل تتعلق بالمعاشات عند التقاعد من القطاع الخاص، وفتح مسارات تمويل موازية في ريادة الأعمال لموظفي القطاع العام، وضمان حق العودة إلى العمل في حالات الفشل، لأن غالب المجتمع السعودي ومنذ نشأته لم يكن يمارس التجارة وتحول إلى مجتمع موظفين في الدولة مع طفرات النفط.
ومن الحلول تحفيز نشوء شركات قطاعية كبرى لا تختفي عند حدوث صدمات في الأرباح، مع ضرورة توسيع قاعدة الشركات ذات الصلة بالحكومة والاستثمار الأجنبي الكبير والأسواق المالية، من حيث الحجم ودعم اندماج الشركات الصغيرة مع المحافظة على المنافسة إلى أقصى ما تسمح به ظروف الأسواق الداخلية.

إنشرها