أزمة غذاء وشيكة «1 من 2»
في ظل ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، يمكن أن تتحول أسعار الغذاء المتزايدة إلى مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى ملايين البشر حول العالم. وتتابع منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة ومنظمات أخرى من كثب، تداعيات ارتفاع الأسعار على الأمن الغذائي العالمي.
إن نقص إمدادات القمح والأسمدة أسفر عن ارتفاع الأسعار وزيادة فواتير الواردات الغذائية في الدول الأكثر عرضة للمخاطر إلى ما يزيد على 25 مليار دولار، ما يعرض 1.7 مليار شخص إلى خطر الوقوع في براثن الجوع.
شهدنا التأثيرات التي نتجت عن الصراعات في أوكرانيا في الإمدادات الغذائية في بعض المناطق حول العالم، فالصراع هو المحرك الأول وراء ما نواجهه من مشكلات في أسعار الأغذية، ومعظم الدول التي تعاني أزمات غذائية تشهد صراعات داخلية. والمحرك الثاني هو الهبوط الاقتصادي، حيث تمثل جائحة كوفيد - 19 أحد الأسباب الرئيسة وراء ما يواجهه معظم الدول الفقيرة من تحديات هائلة.
ونتج عن الحرب توقف الصادرات من بلدين من أهم مصدري الحبوب، ألا وهما أوكرانيا وروسيا اللتان يعتمد عليهما نحو 50 بلدا في الحصول على ما لا يقل عن 30 في المائة من وارداتها من الحبوب. وتتجاوز هذه النسبة 50 في المائة في 20 بلدا تقريبا من هذه الدول.
ومن العوامل الأخرى دور روسيا باعتبارها أكبر مصدر للنيتروجين في العالم، وثاني أكبر مصدر للبوتاسيوم، وثالث أكبر مصدر للسماد الفوسفوري. فعندما تم إيقاف تصدير الأسمدة، ازدادت الأسعار ـ التي كانت مرتفعة في الأصل قبل اندلاع الحرب ـ ما تسبب في مشكلات كبيرة للمزارعين.
وتواجه الدول المستوردة للغذاء تأثيرا مزدوجا نتيجة ارتفاع فاتورة الواردات الغذائية وتكلفة الأسمدة. وهذا هو الشاغل الأساس حاليا، فمع زيادة تكلفة الأسمدة بمقدار أربعة أضعاف في بعض الحالات، لم يعد بمقدور كثير من المزارعين تحملها، وهو ما سيؤثر في محصول هذا العام والعام المقبل.
بخصوص التأثير في الاقتصادات الضعيفة في إفريقيا، نجد أن المستوردين الرئيسين للأغذية على أساس صاف، هم دول شمال إفريقيا التي تصل وارداتها من القمح من روسيا وأوكرانيا إلى ما يزيد على 50 في المائة. والأمر مختلف في إفريقيا جنوب الصحراء، فلديها الكاسافا والأرز، ولا يعد القمح من الأغذية الأساسية. ويتم استخدام الذرة والقمح كطعام للماشية.
وبالنسبة إلى دول العالم الأكثر عرضة للمخاطر وعددها 62 بلدا، فقد يعني ذلك ارتفاع فواتير وارداتها الغذائية بما يقرب من 25.4 مليار دولار مقارنة بالعام الماضي، وهو ما يؤثر في 1.7 مليار شخص.
إذا استمرت الحرب في أوكرانيا، فقد نواجه خلال 2022 و2023 مشكلة في الحصول على الغذاء وأخرى تتعلق بتوافره، حيث يحتمل تراجع الصادرات من أوكرانيا وروسيا بدرجة كبيرة، بما فيها الأسمدة. وعلينا أن نتجنب هذا الوضع. وفي ظل الظروف الحالية، تشير تقديراتنا إلى إمكانية تراجع الصادرات الأوكرانية من القمح والذرة بنحو 40 في المائة، وهو ما قد يحدث في روسيا أيضا.
ولاحظنا تأثير زيادة أسعار الأسمدة في إنتاج الأرز في العام المقبل، حيث بدأت الأسعار بالارتفاع بالفعل. كذلك يحتمل أن يؤثر ضعف موسم الرياح الموسمية في زراعة الأرز في الهند. ومما لا شك فيه أن هذه التطورات تفرض عددا من المخاطر نظرا إلى أن الأرز من الأغذية الأساسية في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك إفريقيا جنوب الصحراء.
وبشأن الدول التي ينبغي أن تحصل على الأسمدة، فإن الأولوية يجب أن تكون للدول الرئيسة المصدرة للأرز التي ستمدنا باحتياجاتنا من الأرز للحد من مشكلات الحصول على الغذاء خلال العام المقبل... يتبع.