شركات «التواصل»

أروقة الاقتصاد وأسواق المال تتحدث كثيرا عن احتمالات وقوع مشكلات تشغيلية أو مالية لبعض شركات التقنية، الشركات المالكة لتطبيقات التواصل والاتصال بين الناس، وهي تسوق كثيرا أمثلة وأرقاما، وتحيل إلى تضعضع مصدر الدخل الأساس، وهو الإعلان نتيجة عدة أسباب وتداخلات لم تخل من السياسة، ومن حروب النفوذ المالي والإعلاني.
لكل شيء دورة حياة مهما امتدت فلا بد لها من نهاية، أو تحور إلى شكل آخر، أو إعادة انبثاق، وهذه الشركات أو فلنقل هذه التطبيقات لن تكون بعيدة عن هذا العام الكوني، وهي في النهاية ضمن أشياء اخترعها أو ابتكرها الإنسان، ولا بد له من ابتكار أو اختراع غيرها والتحول إليه طال الزمان أو قصر.
بخلاف العامل الاقتصادي ومعه العامل التقني، هناك العامل الإنساني المتمثل في الذائقة، وفي الإحساس بالتشبع، وربما الملل، وهناك أيضا استيعاب قد يتأخر أن معظم هذه الوسائل تراوح بين الأشكال المختلفة للمحتوى، تبدأ بواحد وتنتقل إلى الآخر مع ظهور المنافس الجديد، ثم تعود إلى الأول وهكذا دواليك.
الأشكال المختلفة للمحتوى لا تخرج عن التدوين، والصورة، والمقطعين المرئي والصوتي، وهي وسائل اتصال البشر منذ عرفوا الاتصال، لكنها وضعت في القوالب التقنية الحديثة وأصبحت ليست فقط في متناول اليد، بل إنها تحيط بالناس إحاطة الهواء بهم.
الاتصال دوره مهم في بث المعلومات أيا كان نوعها، إخباري أو ترفيهي، تثقيفي أو تجهيلي، لكن ما أحدثته هذه التطبيقات هو المساهمة إما في تقديم الواقع مجردا، وإما تزييفه، تبعا للمستخدم الذي يبث، وذلك الذي يتلقى، وأصبحت منطقة الخيال ليست بتلك الخصوبة المعتادة، لأن حصول ونقل كثير من الأحداث والأشياء أسهم في جدبها وجفافها في ذهن عدد ليس قليل من الناس.
ما يحدث هو سباق نفوذ يلبس ثياب التقنية والمال والإعلان، والأدلة كثيرة خاصة في سياقات التنافس بين منتجي التقنية على مستوى الدول، والتنافس داخل الدولة الواحدة، حتى يكاد بعض ملاك هذه التقنيات، أن ينحاز صراحة إلى طرف ضد آخر في مجالات عدة.
ما أتمناه الانتباه له، هو أن هذه التطبيقات والتقنيات بمنزلة الأسلحة، أليس الإعلام أحد أسلحة الدول؟، وما سبق أن أشرت إليه هو إمكانية استخدامها عبر توجيهها مع أو ضد شعوب وشركات وعادات وأخلاق، أو حتى إقفال صنابيرها فلا يعود في إمكان فرد أو مجتمع أو شركة ما استخدامها.
الأمنية الأخرى، أن نلتفت إلى إيجاد بدائل إقليمية أو محلية تكون بمنزلة بداية التنافس، وربما في المستقبل عدم الاعتماد على هذه التطبيقات إعلاميا، وتجاريا وتسويقيا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي