Author

ليت أمي أخبرتني

|

أقسى الحقائق وأمرها هي تلك التي ندركها وقد فات أوان استفادتنا منها. يمر علينا في هذه الحياة كثير من القصص الإنسانية نتأثر بها في لحظتها ثم نرميها في سلة المهملات في عقولنا، دون أن نتخيل يوما أننا قد نصبح نسخة مكررة من تلك القصص.
قصة هذه الشابة التي وصلتني دفعتني إلى التساؤل، ماذا لو أنها فكرت يوما في أن الحياة مثل البحر يحمل بين أمواجه من المفاجآت ما لا يخطر على قلب الصياد الذي قد يعود إلى الشاطئ حزينا، بسبب شباكه الفارغة، وقد يعود سعيدا بالخير الوفير الذي بالكاد يجره قاربه، وربما قد لا يعود أبدا. القصص التي أنشرها في زاويتي في "الاقتصادية" هي غيض من فيض من قصص يعج بها بريدي الإلكتروني بحكم تخصصي الاجتماعي، ولا أنشرها إلا بناء على طلب أصحابها.
تقول صاحبة القصة، "نشأت طفلة مدللة بين خمسة أبناء ومن طفولتي وأمي المتسلطة تغذي شخصيتي بمفاهيم في منتهى القسوة عن التحكم والسيطرة، وفرض الرأي والتسلط وتمشية الرأي عند الاصطدام بآراء الآخرين، وألا أجامل إطلاقا أي إنسان حتى المقربين مني، وأخبرتني أن من حولي سيحسبون لي ألف حساب إن تقيدت بتعليماتها.
حين كبرت وتدرجت في مراحل الدراسة كانت زميلاتي يتجنبن الدخول معي في أي نقاش أو صدام، لأنهن يدركن أن نهايته لن تكون آمنة لهن، ولذلك عشت منبوذة اجتماعيا. زوجات إخوتي لم ينجوا من تسلطي وتسلط أمي الذي وصل إلى حد الظلم والإيقاع بينهن وبين أزواجهن، خصوصا أخي الصغير الذي تسببنا في طلاقه من زوجته، اعتقادا منا أنها لا تصلح له، رغم كونها أما لثلاثة أطفال. حرضناه فطلقها وانتزع أطفالها منها. في ذلك اليوم قالت كلمة اقشعر لها جسدي قبل أن تخرج مكسورة من بيتها: الله يسلط عليك من لا يخافه فيك.
سارت بنا الحياة وتوظفت وظيفة مرموقة ولم يتقدم أحد لخطبتي، وفي يوم كنا عائدين من مزرعتنا ليلا اصطدمنا بناقة. كان الحادث شنيعا. توفيت والدتي والسائق، ونجوت أنا بإصابة بليغة تسببت بشلل في أطرافي السفلية.
اليوم أكتب لك قصتي من منزل أخي الصغير نفسه، وأنا أعاني قسوة وتسلطا وسوء معاملة زوجته الثانية التي تحرضه باستمرار على طردي من منزلها، وفي كل مرة تفعل أتذكر ظلمي لزوجته السابقة ودعائها علي".
وخزة:
"ليت أمي أخبرتني أن أشجار الصبار لا تثمر تفاحا، وأن جبال جليد مغمورة في البحر قد تحطم سفنا مثل تيتانيك، وأن دعوة مظلوم قد تهدم حياة امرأة متسلطة ظنت أن تسلطها سيدوم"

اخر مقالات الكاتب

إنشرها