كيف تجذب الدول الأموال؟ «1 من 2»

يترتب على انتقال أموال من دولة إلى أخرى شراء أصول جديدة لمصلحة الدولة المستضيفة للأموال، كتملك عقارات وأسهم وسندات محلية وأوراق مالية متنوعة، إضافة إلى معدات جديدة تضاف إلى المشاريع التجارية والصناعية التي يؤسسها القادمون الجدد، بمعنى آخر، إن أي بلد مستضيف للأموال سيكسب قوة شرائية إضافة إلى تحويل الأموال لثروة عينية جديدة هي من أفضل مكاسب حركة الأموال بين الدول، لهذا تحرص الدول في سياساتها الاقتصادية على ثلاثة أمور، أولا، تصميم مزايا وإعفاءات ضريبية واستثمارية. ثانيا، إصلاحات شاملة للأنظمة والتشريعات والإجراءات والبنية التحتية. ثالثا، ترقية الأسواق المالية وتطويرها إلى مستويات مقاربة للأسواق المتقدمة، أي على نمط أسواق مجموعة الدول الصناعية السبع G7، ولهذا نلاحظ أن الدول التي تحولت من الفقر إلى الازدهار اعتمدت على المرتكزات السابقة وبدرجات متفاوتة بحسب قدرات كل بلد.
حكومات العالم تسعى إلى التقدم في مؤشر الحرية الاقتصادية economic freedom index، ولا سيما الدول الصغيرة منها التي لا تمتلك في الأغلب موارد اقتصادية ضخمة مثل سنغافورة ولوكسمبورج وتايوان ودول شمال أوروبا الصغيرة، ويعد، أي مؤشر الحرية الاقتصادية، من أهم المؤشرات المركبة التي يعتمدها المستثمرون في قياس جودة مؤسسات الدول من حيث القوانين واللوائح والضرائب والسياسات الاقتصادية العامة، غير أننا نلاحظ أن الدول الغنية بالموارد خارج G7 والكبيرة من حيث عدد السكان، تحسن نتائجها على المؤشر، لكن بشكل تدريجي مع الزمن من أجل المنافسة على جذب الأموال، ويمكننا ملاحظة ذلك في دول مجموعة بريكس، التي تحاول تحقيق نتائج أفضل على المؤشر، لما تراه من اهتمام من قبل المستثمرين الأجانب به.
يقال، "إن المنافسة تجبر الجميع على التحسن" ولهذا حري بنا التطرق إلى المؤشر الأكثر شهرة "مؤشر التنافسية العالمية" global competitiveness index، ونظرا إلى أهميته، يحتفل به السياسيون إذا ما تقدمت دولهم على المؤشر، ببساطة لأنه يعكس نتائج أعمال الحكومة التي تجعل من المواطنين في وضع معيشي أفضل حاليا ومستقبلا، وفي نهاية المطاف نمو قدراتهم على إنتاج سلع وخدمات بأسعار تنافسية للعالم، أي تحسين الإنتاجية الوطنية، لهذا يعد المؤشر من المؤشرات الأساسية في جذب الأموال.
أخيرا، مهما كانت طريقة أي دولة يفترض الأخذ في الحسبان أن المال الأجنبي يتجه بسهولة إلى الدول التي يرتفع فيها عائد الاستثمار وفي ظروف آمنة، لذلك المقارنة والموازنة بين مختلف الدول لعائد الاستثمار في كل قطاع اقتصادي من أهم المؤشرات التي يتعين أن تكون على طاولة صناع السياسات الاقتصادية عند بناء سياسات طويلة الأجل مثل الاستثمارات المباشرة، أما قصيرة الأجل فلا يوجد أفضل من بناء سياسات تؤدي إلى زيادة الطلب على النقود داخليا، التي بدورها، أي نمو دالة الطلب على النقود، سينتج عنها جاذبية سحرية -إن صح التعبير- للأموال الأجنبية نحو أسواق المال مثل الأسهم والأوراق المالية الأخرى.. يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي